السبت 25 شوال 1445 - 04 مايو 2024 , آخر تحديث : 2024-04-29 12:42:38 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

منابر دمشق

تاريخ النشر 2015-11-08 الساعة 13:34:47
زاد المسافر
د.محمد خير الشعال

 

ويجيبهم علماؤنا: بأن وعد الله في حفظ الذكر لا يقتصر على القرآن وحده، بل المراد به شرع الله ودينه الذي بعث به رسوله، وهو أعم من أن يكون قرآناً أو سُنَّةً، ويدل على ذلك قول الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]. أي أهل العلم بدين الله وشريعته، قال ابن حزم: (وَالذِّكُرُ اسْمٌ وَاقِعٌ عَلَىَ كُلِّ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ).

ولا شك أن الله كما حفظ كتابه حفظ سُنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم، بما هَيَّأَ لها من أئمة العلم يحفظونها ويتناقلونها ويتدارسونها ويميزون صحيحها من دخيلها، وقد أفنوا في ذلك أعمارهم.

وأما الحديث الذي جاء في الشبهة ليستدل بها أصحابها على عَدَمِ حُجِيَّةِ السُنَّةِ: «إِنَّ الْحَدِيثَ سَيَفْشُو عَنِّي، فَمَا أَتَاكُمْ عَنِّي يُوَافِقُ الْقُرْآنَ فَهُوَ عَنِّي، وَمَا أَتَاكُمْ عَنِّي يُخَالِفُ الْقُرْآنَ فَلَيْسَ مِنِّي».

 فقد قال فيه البيهقي: (إنه حديث بَاطِلٌ لاَ يَصِحُّ)، وقال الشافعي: (مَا رَوَى هَذَا أحدٌ يَثْبُتُ حَدِيثُهُ فِي شَيْءٍ)، وقال ابن حزم في الحُسين بن عبد الله أحد رُوَاةِ هذا الحديث من بعض الطرق: (الحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ سَاقِطٌ مُتَّهَمٌ بِالزَّنْدَقَةِ).

وأما استشهاد أصحاب الشبهة بقَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] على أن القرآن يغني عن السنة لأنه يحوي كل شيء، فقد قال القرطبي المفسر في معنى الكتاب في الآية:

(أَيْ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فَإِنَّ الله تعالى أَثبَتَ فِيهِ مَا يَقَعُ مِنَ الْحَوَادِثِ. وَقِيلَ: أَيْ فِي الْقُرْآنِ أَيْ مَا تَرَكْنَا شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الدِّينِ إِلَّا وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ، إِمَّا دَلَالَةً مُبَيَّنَةً مَشْرُوحَةً، وَإِمَّا مُجْمَلَةً يُتَلَقَّى بَيَانُهَا مِنَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَوْ مِنَ الْإِجْمَاعِ، أَوْ مِنَ الْقِيَاسِ... بل إن الله تعالى قال:" وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ).

أيها الإخوة:

لاغنى لمسلم عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف وربنا يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: 59].

قال الإمام الطبري في تفسير هذه الآية: (هو أمرٌ من الله بطاعة رسوله في حياته فيما أمر ونهى، وبعد وفاته في اتباع سنته).

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1353
1  2  3  4  5  6  7  8  
تحميل ملفات

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

أدخل الرمز : *