السبت 25 شوال 1445 - 04 مايو 2024 , آخر تحديث : 2024-04-29 12:42:38 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

منابر دمشق

تاريخ النشر 2015-09-21 الساعة 10:00:00
فضائل عشر ذي الحجة ويوم عرفة
الشيخ بلال سلمان

وَمِن فَضَائِلِ هَذِهِ الأَيَّام: أَنَّ فِيهَا يَومُ عَرَفَة، وَهُوَ اليَومُ التَّاسِعُ مِن ذِي الحِجَّة، وَهُوَ يَومٌ مَعرُوفٌ بِالفَضل، وَكَثرَةِ الأَجرِ وَغُفرَانِ الذَّنب، وَهُوَ يَوْمٌ مَجِيْدٌ وَعَظِيْم، يُعْرَفُ أَهْلُهُ بِالتَّوْحِيْد، تَحْقِيْقَاً لِقَوْلِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَة، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّوْنَ مِنْ قَبْلِي: لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَه، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْر)). وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَال: (يَوْمُ عَرَفَةَ بِعَشْرَةِ آلافِ يَوْم) أَيْ فِي الفَضْلِ وَالأَجْرِ وَالثَّوَاب. وَوَرَدَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَال: (إِذا كَانَ عَشِيَّةُ يَوْمِ عَرَفَةَ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيْمَانٍ إِلا غُفِرَ لَه، فَقِيْلَ لَهُ: أَلِلْمُعَرِّفِ خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّة؟ فَقَالَ: بَلْ لِلنَّاسِ عَامَّة). فَالرَّحْمَةُ وَالْمَغْفِرَةُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ تَعُمُّ جَمِيْعَ الْمُؤْمِنِيْنَ الطَّائِعِيْن، وَلَيْسَتْ خَاصَّةً بِأَهْلِ عَرَفَة. وَوَرَدَ أَنَّ سَيِّدَنَا عَلِيَّاً رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَال: (لَيْسَ فِي الأَرْضِ يَوْمٌ إِلا وَللهِ فِيْهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّار) وَلَيْسَ يَوْمٌ أَكْثَرُ عِتْقَاً لِلرِّقَابِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَة، فَأَكْثِرْ فِيْهِ يَا أَخِيْ أَنْ تَقُوْل: اللهُمَّ أَعْتِقْ رَقَبَتِيْ مِنَ النَّار، وَأَوْسِعْ لِيْ مِنَ الرِّزْقِ الحَلَال، وَاصْرِفْ عَنِّيْ فَسَقَةَ الجِنِّ وَالإِنْس. وَلْيَحْذَرِ الْمُؤْمِنُ مِنَ الذُّنُوْبِ التِيْ تَمْنَعُ الْمَغْفِرَةَ وَالعِتْق، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ صِيَامَ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ ذُنُوْبَ سَنَتَيْن، لِقَوْلِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ التِي قَبْلَهُ وَالتِي بَعْدَه))، وَقَالَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فِي فَضْلِ يَوْمِ عَرَفَة: ((هَذَا يَوْمٌ مَنْ مَلَكَ فِيْهِ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَلِسَانَهُ غُفِرَ لَه))، فَأَفْضَلُ هَذِهِ الأَيَّامِ يَوْمُ عَرَفَة كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم.

ومِن فَضَائِلِ هَذِهِ الأَيَّام: أَنَّ فِيهَا يَومَ النَّحر، وَهُوَ اليَومُ العَاشِرُ مِن ذَي الحِجَّة، وَهُوَ مِن أَفضَلِ الأَيَّام، وَفِيهِ مُعظَمُ أَعمَالِ مَنَاسِكِ الحَجّ، مِنْ رَميِ الجَمرَةِ وَحَلقِ الرَّأس، وَذَبحِ الهَديِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعي، وَصَلاةِ العِيدِ وَذَبحِ الأُضحِيَة، وَاجتِمَاعِ الْمُسلِمِينَ فِي صَلَاةِ العِيد، وَتَهنِئَةِ بَعضِهِم بَعضَاً.

أيها الإخوة: إِنَّ فَضَائِلَ العَشرِ كَثيرَةٌ وَعَظِيمَة، لا يَنبَغِي لِلمُسلِمِ أَن يُضَيِّعَهَا، بل يَنبَغِي أَن يَغتَنِمَهَا وَيُحَصِّلَهَا، وَأَن يُسابِقَ إِلَى الخَيرَاتِ فِيهَا، وَأَن يَشغَلَهَا بِالأَعمَالِ الصَّالِحَة:

فَمِنَ الطَّاعَاتِ الْمَشرُوعَةِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الْمُبَارَكَة كَثرَةُ الصِّيَام: فَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يَدَعُ الصِّيَامَ في هَذِهِ الأَيَّام، وَأَخْبَرَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أَنَّ فَضْلَ الصِّيَامِ وَأَجْرَهُ عَظِيْمٌ فِيْهَا، فَقَالَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إِلَى اللهِ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيْهَا مِنْ عَشْرِ ذِيْ الحِجَّة، يَعْدِلُ صِيَامُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا بِصِيَامِ سَنَة)).

وَمِنَ الطَّاعَاتِ الْمَشرُوعَةِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الْمُبَارَكَة كَثرَةُ القِيَام: فَيُسْتَحَبُّ قِيَامُ لَيْلِهَا، وَأَخْبَرَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أَنَّهُ يَعْدِلُ قِيَامُ كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْهَا بِقِيَامِ لَيْلَةِ القَدْر، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَقُوْل: (لا تُطْفِئُوْا سُرُجَكُمْ في لَيَالِي العَشْر)، وَهَذَا كِنَايَةٌ عَن طُولِ القِيَامِ فِي لَيَالِي العَشَر.

فَمِنَ الطَّاعَاتِ الْمَشرُوعَةِ في هَذِهِ الأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ كَثرَةُ الذِّكر: لِقَولِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ في سُورَةِ البَقَرَة: )وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَات(، وَلِقَولِ اللهِ تَعَالَى في سُورَةِ الحَجّ: )لِيَشهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسمَ ٱللهِ فِي أَيَّامٍ مَعلُومَـاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِن بَهِيمَةِ ٱلأنعَام(، وَرُوِيَ عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قَال: ((مَا مِن أَيَّامٍ أَعظَمُ عِندَ اللهِ وَلا أَحَبُّ إِليه مِنَ العَمَلِ فِيهِنَّ مِن هَذِهِ الأَيَّامِ العَشر، فَأَكِثُروا فِيهِنَّ مِنَ التَّهلِيلِ وَالتَّكبِيرِ وَالتَّحمِيد)).

وَمِنَ الطَّاعَاتِ الْمَشرُوعَةِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الْمُبَارَكَة كَثرَةُ نَوَافِلِ الصَّلَوَات: كَصَلَاةِ الضُّحَى وَقِيَامِ اللَّيلِ وَالتَّهَجُّد، فَالْمُحَافَظَةُ عَلَى النَّوَافِلِ سَبَبٌ لِمَحَبَّةِ اللهِ لِلعَبد، وَمَن نَالَ مَحبةَ اللهِ حَفِظَهُ اللهُ وَأَجَابَ دُعَاءَه، وَأَعَاذَهُ وَرَفَعَ مَقَامَه.

وَمِنَ الطَّاعَاتِ الْمَشرُوعَةِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الْمُبَارَكَة كَثرَةُ الصَّدَقَة: إِذ الصَّدَقَةُ فِيهَا أَفضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ في رَمَضَان، وَمَا أَكثَرَ حَاجَاتِ النَّاسِ فِي أَيَّامِ العَشر، مِنَ النَّفَقَةِ وَالاستِعدَادِ لِلحَجِّ وَالعِيد، وَطَلَبِ الأُضحِيَةِ وَنَحوهَا. وَبِالصَّدَقَةِ يَنَالُ الإِنسَانُ البِرَّ وَيُضَاعَفُ لَهُ الأَجر، وَيُظِلَّهُ اللهُ في ظِلِّهِ يَومَ القِيَامَة، وَيَفتَحُ بِهَا أَبوَابَ الخَيرَات، وَيُغلِقُ بِهَا أَبوابَ الْمُوبِقَات، فَيُحِبُّهُ اللهُ وَيُحِبُّهُ الخَلق.

فيا أيها الإخوة: يَنبَغِي لِلمُسلِمِ أَنْ يُسَارِعَ في هَذهِ العَشْرِ إلى كُلِّ عَمَلٍ صَالح، عَسَى أَن يُكتَبَ مَعَ حُجَّاجِ بَيتِ اللهِ الحَرَام، فَقَد قَالَ ابنُ رَجَب رَحمهُ الله: (لَمَّا كَانَ اللهُ تَعَالَى قَد وَضَعَ فِي نُفُوسِ الْمُؤمِنِينَ حَنِينَاً إِلَى مُشَاهَدَةِ بَيتِهِ الحَرَام، وَلَيسَ كُلُّ أَحَدٍ قَادرَاً عَلَى مُشَاهَدَتِهِ كُلَّ عَام، فَرَضَ اللهُ عَلَى الْمُستَطِيعِ الحَجَّ مَرَّةً وَاحِدَةً في عُمُرِه، وَجَعَلَ مَوسِمَ العَشرِ مُشتَرَكَاً بَينَ السَّائِرِينَ إِلَيهِ وَالقَاعِدِينَ عَنه، فَمَن عَجَزَ عَنِ الحَجِّ فِي عَامٍ قَدَرَ في العَشرِ عَلى عَمَلٍ يَعمَلُهُ في بَيتِه، يَكُونُ أَفضَلُ مِنَ الجِهَاد، والجهاد أَفضَلُ مِنَ الحَج).

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1236
1  2  3  
تحميل ملفات

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

أدخل الرمز : *