الجمعة 24 شوال 1445 - 03 مايو 2024 , آخر تحديث : 2024-04-29 12:42:38 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

خطب مدير الأوقاف

تاريخ النشر 2017-08-21 الساعة 10:56:41
الدفاع عن السنة النبوية الشريفة
الشيخ أحمد سامر القباني

بتاريخ: 18 من ذي القعدة 1438 هـ - 11 من آب 2017 م

الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين القويم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، حمداً لك ربي على نعمائك وشكراً لك على آلائك, سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صفيه من بين خلقه وحبيبه، خير نبي اجتباه، وهدى ورحمة للعالمين أرسله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره الكافرون ولو كره المشركون والملحدون.

وبعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، وأحثكم وإياي على طاعته، وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره، وأستفتح بالذي هو خير، )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيد( [الحج: 1-2].

إِلَهِي لا تُعَذِّبنِي فَإِنِّي
وَمَا لي حِيلَةٌ إِلا رَجَائِي
وَكَمْ مِن زَلَّةِ لِذِي الخَطَايَا
إِذَا فَكَّرتُ في نَدَمِي عَلَيهَا
أَهِيمُ بِزَهرَةِ الدُّنيَا فُتُوناً
وَلَو أَنِّي صَدَقْتُ الزُّهدَ فِيهَا
يَظُنُّ النَّاسُ بِي خَيرَاً وَإِنِّي

 

مُقِرٌّ بِالذِي قَدْ كَانَ مِنِّي
لِعَفوِكَ إِنْ عَفَوتَ وَحُسنُ ظَنِّي
وَأَنْتَ عَلَيَّ ذُو فَضلٍ وَمَنِّ
عَضَضْتُ أَنَامِلِي وَقَعَرْتُ سِنِّي
وَأَقْطَعُ طُولَ عُمرِي بِالتَّمَنِّي
قَلَبْتُ بِأَهلِهَا ظَهرَ الْمِجَنِّ
لَشَرُّ الخَلقِ إِنْ لم تَعْفُ عَنِّي

اللهم اعف عنا يا عفو, واغفر لنا يا غفار وقنا عذاب النار.

وبعد أيها الإخوة المؤمنون: كنا نتكلم مع حضراتكم في الخطب السَّابقة عن أصل هام مِن أصول التشريع الإسلامي، وهذا الأصل هو الأخلاق، ((إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق))، وفي رواية ((مكارم الأخلاق))، ورأينا أن الأخلاق جزء مِن الإيمان في قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان))، ويقول رسول الله للسيدة عائشة: ((يا عائشة، إنَّ حسن العهد من الإيمان))، وقد ألف الإمام البيهقي رضي الله تعالى عنه كتابه شُعب الإيمان، وجعل من شُعب الإيمان كافة مَكارم الأخلاق، وهذه حقيقة يَجهلها كثير مِنَّا، أن الأخلاق بنص كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم جزء من الإيمان، فمن لم يكن عنده أخلاق فإيمانه ناقص يحتاج إلى إتمام.

وأما الفكرة الثانية: فهي أنه لا يمكن لإنسان مؤمن أن يقول: أنا لا أستطيع أن أتغير، أنا لا أستطيع أن أُغير أخلاقي، لأنه بذلك يُكذب كلام الله بقوله: )لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا( ]البقرة: 286[، ويكذب بكلامه هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، ومن يتوخى الخير يُعطه، ومن يتوقى الشَّر يوقه)).

والفكرة الثالثة: أنَّه إذا أراد الإنسان أن يُغير مِن أخلاقه فينبغي أن يتوافر فيه شروط، وهذا كان محط الحديث في الخطبة السابقة:

الشرط الأول: أن تكون عنده إرادة التغيير، ونقلت لكم بعض القصص ومن كلام الناس ما يدل على أن صاحبه لا يُريد أن يتغير، فإذا أراد أن يتغير لا بد أن يقترن معه لينتقل مِن مساوئ الأخلاق إلى محاسن الأخلاق، لا بد أن يتوفر معه قوة الإرادة، هذه الإرادة التي فَقدها كثير من المؤمنين، وسبب ما وصلت إليه الأمة اليوم العربية والإسلامية، ولذلك طبعاً أسباب كثيرة، ولكن من الأسباب الهامة قوة الإرادة، أنها فقدت قوة الإرادة لتواظب على ما فيه رفعتها ومجدها وعلو شأنها، فأحدنا لا يستطيع أن يَصبر مثلاً على أمر معين، لا يَريد أن يقف على الدور، يُريد أن يتجاوز الناس، ليس عنده صبر قوة إرادة ليقف في الدور، يريد أن يدفع المال ليختصر الوقت وليأخذ دور غيره، لا يستطيع الإنسان أن يضع برامجاً وأن يلتزم فيه في حياته، ربما يلتزم أسبوعاً وأسبوعين، ثم بعد ذلك يعود إلى ما كان عليه ويترك البرنامج الذي وضعه لنفسه، والمشكلة أن كثيراً منا عندما يتعلق الأمر بدراسته عندما يتعلق الأمر بعمله بدنياه فإنك تراه إنساناً يضع برنامجاً معيناً ويُنفذه، ولكن إذا تعلق الأمر بحال الأمة أو بأُخراه تراه يتجاهل هذا البرنامج الذي وضعه لنفسه ليتغير، فقدمنا دنيانا على آخرتنا، وكثير منا مُنضبط في عمله غير منضبط مع خالقه، أن يكون عندك إرادة للتغيير، والبعض الذي يرى أنه بحال جيدة لا يريد أن يتغير للأفضل، فهذا أو هذه فتوى شيطانية، الأمر الآخر قوة الإرادة والعزيمة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير))، لكن المؤمن القوي أحب إلى الله.

ونتكلم باختصار شديد بعد سؤال كثير مِن الناس: ما هي علامات حُسن الخلق، كيف أعرف أنني إنسان على أخلاق جيدة؟ البعض مِن الناس وهذا حال الكثيرين الذين أخذوا من حال صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، صحابة رسول الله أفضل الخلق عندنا بعد الأنبياء والرسل من أفضل الخلق، كعقيدة آل البيت والصحابة، وهذا بنص كتاب الله، وكلكم يحفظ الآيات: )وَكَفَى بِاللَّـهِ شَهِيدًا * مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ -والذين معه من؟ صحابته الكرام- أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا( ]الفتح: 28-29[، الصحابة مَذكورين إذاً في التوراة وفي الإنجيل وفي القرآن، الصحابة كان أحدهم مع صُحبته للنبي صلى الله عليه وسلم يَقوم ما يستطيعه مِن مكارم الأخلاق والالتزام الكامل، ويخاف يوم القيامة أن يذهب إلى النار، عندهم خوف عجيب من الله سبحانه وتعالى رغم ما قاموا به من أعمال جليلة، ورغم الدماء التي بذلوها لِيُوصلوا لنا الإسلام إلى بلادنا، فأكثر مِن ثلاثين ألفاً مِن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم استشهدوا في بلاد الشام، وبلاد الشام مليئة بقبورهم ومقاماتهم وأضرحتهم، كل ما قاموا به قال: يخشون ألا يدخلوا الجنة، لذلك كان أحدهم عندما يقرأ قوله تعالى: )وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ( ]المؤمنون: 60[، هذه الآية )...يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ(، السيدة عائشة تقول: يا رسول الله، هم الذين يزنون ويسرقون ويكذبون، يؤتون ما آتوا يعني من المعاصي وقلوبهم وجلة يعني خائفة أنهم إلى ربهم راجعون؟ قال: لا يا عائشة، هؤلاء الذين يصومون ويصلون ويتصدقون، ثم يخافون أن لا يُقبل منهم أو أن يُضرب بكل هذه العبادات وجههم، يضرب بها وجههم يوم القيامة، بعض الناس أخذوا هذه الصفة، يعني تراه عنده أخلاق كثيرة، لكن هو دائماً يُؤَنب نفسه، وهذه نقطة إيجابية رائعة عكس الآخر الذي ينظر إلى نفسه أنَّه لا يُريد أن يتغير، يجب أن تسعى إلى الكمال يا أخي العزيز الغالي، يجب أن تسعى إلى الكمال.

طيب، ما العلامات؟ تتبعت بعض الكتب ووقفت على كلام جميل لأبي الفرج بن الجوزي رحمه الله ولابن القيم الجوزية رحمه الله، ولكثير من العلماء الذين قالوا:

أولاً: حُسن الخلق، وهو مساران متلازمان لا ينفكان: المسار الأول: حُسن الخلق مع الخالق، والمسار الثاني: حُسن الخلق مع الخلق، فأنا تعجبت لما قرأت، كيف حسن الخلق مع الخالق، أنا معاملتي يجب أن يكون فيها أخلاق حسنة وكريمة مع الله؟! كيف يَعني؟ قال: هو يتلخص في ثلاثة أمور:

أولاً: تلقي أخبار الله سبحانه وتعالى بالتصديق، )وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّـهِ حَدِيثًا( ]النساء: 87[، كل ما جاء مِن الله فهو صدق لا تناقش فيه أبداً، لأنه مِن خالقك. طيب، الحمد لله هذا الأمر موجود عندنا، كل ما يأتي مِن الله نُسَلِّم به، الآن انتشر بين شبابنا في أماكن كثيرة -وهذا أمر فظيع عجيب غريب وهو أمر جلل يجب أن تنتبهوا له، وإذا وجدت هذا الكلام على لسان ولد من أولادك فاعلم أن هناك مَن يُغرر به- إنكار السُّنة، الآن انتشر بين المثقفين ناسٌ اسمهم القرآنيون، من أنتم؟ قال: نحن الذين نُؤمن بالقرآن، طيب كلنا نؤمن بالقرآن، قال: لا، نحن لا نؤمن بالسُّنة، نُنكِرُ السُّنة: البخاري ومسلم والدار قطني والنسائي وابن ماجه والترمذي وأبو داود والدارمي ومسند أحمد والموطأ مالك وصحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان، كله يضرب به عرض الحائط، لماذا؟ قال: هذه أحاديث فيها صحيح وفيها حسن وفيها ضعيف، وهناك من ينكر بعضهم ويصحح حديث بعضهم، يقول: لا هذا ليس صحيح، هذا ضعيف، فلذلك أفضل شيء نأخذ بالكتاب المعصوم ونترك الأحاديث، دعوى بَرَّاقة في ظاهرها، تنطلي على إجهاض لتشريعنا الإسلامي، تنطلي على بُعدٍ تَخريبي لهذه الأمة العربية والإسلامية، وهي في حَدِّ ذاتها دَعوى مُتناقضة، كيف تؤمن بالقرآن والقرآن يقول لك: )وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا( ]الحشر: 7[؟ كيف تؤمن بالقرآن والله يقول في القرآن: )يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا استَجيبوا لِلَّـهِ وَلِلرَّسولِ إِذا دَعاكُم لِما يُحييكُم( ]الأنفال: 24[؟ )قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي( ]آل عمران: 31[؟ هذا أليس قرآن؟ كيف تنكر السُّنة يا أخي؟ هل تعلم أن مُعظم ما جاء في كلام الله عز وجل مِن التشريع لا يتجاوز 5% فقط و 95% مِن تشريعنا العظيم كله جاء في السنة، القرآن الكريم تأخذ القصص القرآنية منه سبعين بالمئة، كم القصص 70% من القرآن، و30% مُوَزَّعة بين أحوال شخصية وأحكام فقهية، موضوع النِّساء مثلاً في سورة النساء أحكام المواريث، وهكذا، والبَّاقي موضوعات أخلاقية، القرآن فيه كل شيء، لكن القرآن دستور، بمعنى أن هذا الدستور يجب أن نحفظه غيباً في صدورنا، لو أراد أن يتعرض القرآن لكل الجزئيات لما استطعنا أن نحفظ القرآن، لأنه سوف يكون 300 أو 400 مجلد، السنة الآن إذا جمعتها كُتُبها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم بمئات المجلدات، السنة وحدها، مسند الإمام أحمد وحده أربعين مجلداً، وهذا كتاب واحد فقط، الشاهد في الموضوع دستور خالد، القرآن يجب أن نحفظه في الصدور، هو يُعطيك الطُّرق العامة، الأوتسترادات، وعبر كل أتستراد وطريق يُوجد طرق فرعية، هذه الطرق الفرعية مِن أين نأخذها؟ مِن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومَن ناقشك في ذلك فاسأله عدة أسئلة:

السؤال الأول: قل له: ممكن أن تذكر لي عدد ركعات الصلاة في القرآن؟ تسأله: هل تصلي؟ يقول لك: أصلي، كم تصلي الظهر؟ أربع ركعات، قل له: أعطني آية فيها أن القرآن ذكر فيه عدد ركعات الصلوات، طيب قل له: أعطني بداية كل وقت وانتهاء كل وقت من أوقات الصلاة، بالقرآن لا يجدها ولا أعداد ركعات في الصلاة، نحن لدينا أمور عامة، )أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلوكِ الشَّمسِ إِلى غَسَقِ اللَّيلِ وَقُرآنَ الفَجرِ( ]الإسراء: 78[، أما كل وقت بوقته لا نعلم متى، كل هذا في السُّنة، طيب أعطني مفسدات الصلاة، طيب أعطني كيفية الصلاة في القرآن، كيف أصلي؟ قل له: فقط أعطني آية واحدة فيها كيفية الصلاة.

السؤال الثاني: قل له أعطني مقدار الزكاة في القرآن الكريم، كم الزكاة 2,5%؟ قل له: أعطني آية أنها 2,5%، طيب زكاة المزروعات ما سُقي بماء السماء ففيه العشر، طلع عشر جرزة كزبرة تُخرج منها جرزة كزبرة، وليس 2,5%، 10%، يعني زكاة المزروعات أكبر مِن زكاة الأموال والعروض التجارية، 10%، وما سُقي بالنضح تَضع أنت مضخة تضع مازوت تضع تصرف كهرباء لتسقي أرضك، نصف العشر 5%، قل له: أعطني آية في القرآن تدل أنَّه في أربعين شاةً شاةٌ؟ قال: حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الزكاة، قل له: أعطني زكاة الشِّياه والحيوانات، هناك أناس هذه تجارتهم وعملهم، قل له: أعطني آية تدل على زكاة الحيوانات؟ لا يجد.

السؤال الثالث: قل له: أعطني كيفية الحج؟ هذه أركان الإسلام وأنت تقول: لا تريد السنة، أعطني كيفية الحج من القرآن؟ لا يجد، كيف أُحرم، وما هي صِيغَة الإحرام، بعد الإحرام تبدأ بالمناسك، طيب كيف تطوف؟ قل له: أعطني آية تقول أن الطواف حول الكعبة بعكس عقارب الساعة؟ لا يجد، قل له: أعطني آية أن الطواف سبع أشواط؟ لا يجد، قل له: أعطني آية تدل على السعي بين الصفا والمروة؟ كم شوط؟ لا يجد، طيب الحج الوقوف بعرفات، متى وقته وترتيباته؟ لا يجد، طيب مزدلفة المشعر الحرام، طَيب أنواع الطوافات؟ قل له: أعطيني أنواع الطوافات: طواف القدوم، طواف الإفاضة، طواف الوداع، قل له: أعطيني أنواع الطوافات؟ لا يجد، كله لن يجده في القرآن الكريم.

إخواننا: 95% مِن التَّشريعات جاءت في السنة، و5% جاءت في القرآن فقط، واسأله بعد ذلك عن المعاملات المالية والبيوعات والشركات، وموضوعات الأحوال الشخصية بجزئياتها، هي وردت بأمور عامة، لكن جزئياتها ليست موجودة في القرآن، فهذا ما ينتشر، قال: من سوء الأدب مع الله ومن عدم حُسن الخلق مع الله، ذكرها العلماء أول بند: التصديق أو تلقي أخبار الله بالتصديق مِن حسن الخلق مع الله، إذاً ثلاثة بنود، اليوم تكلمنا عن البند الأول منها: تلقي أخبار الله بالتصديق، فمن ينكر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يأخذ بها فهذا إنسان إما مُغَرَّر به أو مأجور، مأجور لأن هذه الخُطة هي خطة الصَّهاينة المجرمين والغرب المتصهين منذ زمن بعيد، الطعن في السنة، لذلك ألف العلماء كتباً خاصة بإثبات السنة والأدلة، وسيدنا الشيخ "ملا خاطر" له مجلد كامل يتكلم فيه عن حُجَّية السُّنة من القرآن الكريم ومن أمور أخرى، فإذاً هذا مَأجور إذا كان مُغفلاً، وهنا تَكمن مُشكلة معظم الشباب، معظم الشباب ليسوا مأجورين، لكن مغفلين، معقول أنت تستمع لإنسان يقول لك: لا نأخذ إلا بالقرآن، وكل هذه الأسئلة التي سألتك إياها غير موجودة في القرآن، هذا كلام غير مقبول منك، فاحفظ هذا الآن انتشر بين أبنائنا أيها الإخوة أنهم يقولون إذا رويت له حديثاً لا يقول لك: ما درجة الحديث، لذلك أنا أحرص في كل خطبة قبل أن أذكر الحديث أُخرجه، أقول لك: أخرج البخاري ومسلم، أخرج مسلم، أخرج الترمذي، أخرج أبو داود، عن الصحابي الفلاني، وأقرأ لك الحديث كي تطمئن أن كل حديث أَحكيه على هذا المنبر فهو صحيح، لكي تحفظه، لكن لا يسألك ما درجة الحديث؟ يسألك يقول لك: أعطني آية؟ أقول لك: قال رسول الله، يقول لك: أريد آية، الله عز وجل يقول في القرآن الكريم عن كلام سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم يقول:) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى( ]النجم: 3-4[، لذلك قَسَمَ عُلماء أصول الفقه الوحي إلى وحيين: وحي ظاهر وهو القرآن الكريم، وهو ما كان لفظه ومعناه مِن الله، ووحي باطن، واختلف فيه العلماء على قولين: قول أن كل أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم معناها من الله ولفظها من رسول الله، والقول الآخر هو فقط للأحاديث القدسية التي يقول فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى، مثلاً: ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً))، مثلاً: ((يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم)) ((يا عبادي)) ((يا عبادي))، هذه الأحاديث اسمها الأحاديث القدسية، يقول فيها رسول الله: قال الله تعالى، وحي، كلام رسول الله وحي باطن أيها الإخوة، فلا يوجد إنسان يمكن أن يتصف بأنه حسن الخلق وملتزم بمكارم الأخلاق ما لم تكن أخلاقه حسنة مع الله، والبند الأول من كون أخلاقنا حسنة مع الله تلقي أخبار الله بالتصديق، وسنة رسول الله جزء من أخبار الله، يجب أن نتلقاها بالتصديق.

أمر آخر أختم به هذه الخطبة: أن بعض الشباب يقول: أنا في بعض الأحكام الشرعية يعني على رأسي القرآن والسنة وكلام أبي حنيفة والإمام الشافعي وكذا، ولكن أنا لست مُقتنع بهذا الحكم الشرعي، يعني مثلاً يُنكر في نفسه تعدد الزوجات، أو بعض النساء تُنكر تعدد الزوجات، أو بعض النساء لا تَعترف أن الرجال قوامون على النساء، بالقوامة طبعاً القوامة الحقيقية التي نفهمها وفق شرع الله، قوامة تكليف وليس تشريف، تكليف يعني قوامة أنت مكلف، )وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ(البقرة: 233[، على للاستعلاء، يعني يجب عليك فهذا تكليف، بعض الناس مثلاً يمر معه حكم شرعي وهذا أمر يتصف صاحبه بسوء الخلق مع الله سبحانه وتعالى، يقول له: تريد وفق الشرع أم وفق غير الشرع؟ يقول له: لا أنا لا أريد شرع الله، هو يبحث عن تأويلات لحاله، يعني مثلاً الوصية الواجبة الجمهور أن يموت الابن في حياة أبيه ويكون عنده أولاد، يموت الابن بحياة أبيه يكون عنده أولاد، بعدين يموت الجد، هؤلاء الأولاد يرثون من الجد حصة أبيهم؟ لا لا يرثون عند الجمهور، يوجد قول ضعيف مشوا عليه في الأحوال الشرعيةـ فيقول له: تريد الأخذ بقول الجمهور أم بقول كذا؟ هي المسألة فيها قول ليس فيها مشكلة، فيها قول فقهي، لكن يأتي اثنان مِن التجار يتحاكمان وفق خلاف معين عند واحد من الفضلاء علمائنا الفضلاء الأخيار، أو عند واحد من كبار القوم، هناك أناس من أصحاب الرأي، وهناك أناس من أصحاب الحكمة يتحاكم الناس إليهم، إذا اختلفوا يذهبون إليه، يقولون: نحن نريد أن نضعك محكماً بيننا، وبعد ذلك هذا الرجل إن كان تاجراً مُرَّاً وكان مُستقيماً إذا كان الأمر له تعلق بالحكم الشرعي، يطلب تحكيم واحد من العلماء الكبار، يقول: هذه مسألة تتبع لحكم شرعي يكون موجود تحكيم، وهو الذي وضع التحكيم وبعد أن تصدر نتيجة التحكيم ضد الذي يريده، هو وفق شرع الله لا يلتفت، هذا من سوء الخلق مع الله، تتلقى أخبار الله عز وجل بالتصديق، ثم لا تنفذ ولا تطبق، مشكلة أنت، ماذا يقول الله وماذا يقول رسول الله يجب أن تقول: سمعنا وأطعنا.

أختم هذه الخطبة بهذه القصة، نزل قول الله سبحانه وتعالى: )لِّلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّـهُ( ]البقرة: 284[، يا لطيف، والله شغلة كبيرة، تُبدوا ما في أنفسكم، أي واحد سب أو شتم لا بد سيحاسب شرعاً، لأنه قاله، فعل فعلاً يُحاسب عليه، ولكن ما في أنفسكم، والله الواحد بنفسه وبخاطره، بفكره يفكر بمائة شغلة، وكثير منها تكون فيها معاصي وآثام ومخالفات شرعية، هو حديث نفس ما تكلم به بلسانه ولا يفذه على جوارحه، لكن حديث نفس يحاسب عليه؟ قال: يحاسب، الله أكبر، شق ذلك على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أأنزل عليك قوله تعالى )لِّلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّـهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(، قال: نعم، قالوا: إنه لعسير يا رسول الله، قالوا: شيء لا نقدر عليه، الواحد يفكر في أشكال وألوان، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال لهم: أتريدون أن تقولوا كما قالت بنو إسرائيل لموسى: سمعنا وعصينا؟ قولوا: سمعنا وأطعنا، فقال الصحابة كلهم: سمعنا وأطعنا، وبدؤوا بمراقبة أفكارهم ثم بعد ذلك جاء الفرج من الله، فنُسخت هذه الآية، وهذا مِمَّا نُسِخَ حُكمه وبقيت تلاوته، مثل )كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ( ]180[ هذه الآية تقرؤونها في سورة البقرة، لكن منسوخة حكمها منسوخ بقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا وصية لوارث))، أبوك لا يحق لك أن توصيه ولا أمك ولا كذا، الشاهد في الموضوع نُسخت، فنزل بعدها قوله تعالى )آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ( ]البقرة: 285-286[، الذي يخرج من لسانك وتفعله بيديك، هذا سوف تحاسب عليه، أما أفكارك فلا نُحاسبك عليها، سمعنا وأطعنا، جاء الفرج، فلذلك إخواننا مِن حُسن الخلق مع الله تَلَقِّي أخبار الله سبحانه وتعالى بالتصديق.

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، استغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين.

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1567
تحميل ملفات
فيديو مصور