أخرج البخاري في صحيحه، وكذلكم الترمذي وابن ماجه وأحمد، عن سيدنا مجاهد التابعي الجليل، عن سيدنا عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي -أي: بكتفي- وقال لي: يا ابن عمر ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) إذا كان لديك سفر من بلد إلى أخرى، وتنزل في محطة لتستريح ساعة، هل تبني فيها بناء دائماً لك؟ كن في الدنيا كأنك غريب، الغريب يَدخل إلى البلد ويخرج منها، يوم أو يومين، ساعة أو ساعتين، عابر سبيل، يَستريح ثم يمضي، هكذا، كن في الدنيا كأنك فيها غريب أو عابر سبيل، وَعُدَّ نَفسك من أهل القبور، دائماً في حياة الإنسان المؤمن شعوره تفكيره عملُه يعد نفسه أنه لا يَعيش لغد، سيدنا رسول الله r ينصح عبد الله بن عمر فيقول له: ((وَعُدَّ نفسك من أهل القبور)) وفي رواية الإمام أحمد: ((وَاعْدُدْ نفسك من الموتى)) يَقول سيدنا مجاهد -الذي هو تلميذ سيدنا عبد الله بن عمر راوي الحديث- يقول: فكان عبد الله بن عمر يقول لي: (يا مجاهد، إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وخذ من صحتك لمرضك، وخذ من حياتك قبل موتك، فإنك لا تدري يا عبد الله ما اسمك غداً) وَلِسَائلٍ أن يَسأل  كيف لا أدري ما اسمي غداً؟ أنا أعرف ما اسمي غداً، إذاً فما هو المقصود: (فإنك لا تدري يا عبد الله ما اسمك غداً) قال: المقصود لا تدري أشقي أو سعيد، لا تدري ما اسمك غداً أشقي أو سعيد.