ولادته ونشأته :
هو أبو القاسم محمود بن أبي سعيد زنكي، الملك العادل، سلطان الشام، تقي الملوك ، الملقب بـــ (( نور الدين ))
ولد سنة 511هــــــ وتوفي 569 هــــ.
نشأ في رعاية صالحة من والده عماد الدين والي حلب والموصل ، تعلّم القرآن والفروسية والرمي، وكان شهماً شجاعاً، ذا همةٍ عالية، وعلمٍ جمّ ، وحكمة بالغة في إدارة شؤون الدولة.
اعتنى نور الدين بمصالح الرعية ، وقام بتحصين بلاد الشام ، وبنى الأسوار على مدنها ، وبنى مدارس كثيرة، كالمدرسة العادلية ، والمدرسة النورية ، ودار الحديث النورية، وغيرها كثير، واعتنى ببناء المساجد في بلاد الشام والعراق ، وبنى الخانات على الطرق للمسافرين، واعتنى بالسادة الصوفية وزواياهم وطرقهم.
صفاته :
كان متواضعاً مهيباً وقوراً يكرّم العلماء ، فقهياً على المذهب الحنفي يجلس في كل أسبوع أربعة أيام يحضر الفقهاء عنده، وكان لا يضع الحجّاب على بابه ليصل إليه مَنْ يشاء من الناس ، وكان يسأل الفقهاء عمّا يشكل عليه من الفتاوى والأحكام.
قال فيه ابن كثير: (( كان رحمه الله حسن الخط ، كثير المطالعة للكتب الدينية ، متبعاً للآثار النبوية ، محافظاً على الصلوات بالجماعة كثير التلاوة للقرآن ، محباً لفعل الخيرات ، عفيف البطن والفرج ، مقتصداً في الإنفاق على نفسه وعياله ، لم يسمع منه كلمة فحش قطّ في غضبٍ ولا رضا ، كثير الصمت ، وقوراً )) .
كان وهو في الثلاثين من عمره واضح الرؤية والهدف منذ أن تسلّم الحكم وحتى وفاته ، إذ كان يرى أنه من الواجب عليه أن يوحّد كلمة العرب و المسلمين ودولهم وأن تتجه كل الجهود لتحرير بيت المقدس من الفرنجة الغزاة ، وأن يوفّر للناس الأمن والأمان .
اتصف نور الدين بعدد من الصفات مكنَّته من النجاح الباهر في بناء وإدارة دولته الواسعة وهي :
شعوره بالمسؤولية الملقاة على عاتقه ، واعتماده على الحلول العقلية ، وقوة شخصيته ، واتسم بخصائص عسكرية فذّة جعلته من أعظم قادة زمانه ، ومكّنته من تحويل جيشه من جيش صغير إلى أعظم قوة عسكرية في الشرق الأدنى ، تقياً ، ورعاً ، شغوفاً بالعلم ، معظّماً للعلماء ، يختار رجال دولته بعناية فائقة ، منح المؤسسة القضائية استقلالاً تاماً ، وأنشأ دار العدل ، وكان حريصاً على تأمين الخدمات الاجتماعية لرعيته.
ومن الملامح البارزة في حياته علاقته بصلاح الدين الأيوبي ، حيث تولى تربيته وتعليمه من صغره ، فكان له بمنزلة الوالد والمعلّم، وكان يدرّبه على فنون القتال ، ويغرس فيه القيم النبيلة ، والأخلاق الفاضلة ، وكان نور الدين بتوحيده لكلمة العرب والمسلمين في مصر وبلاد الشام ، وبناء الحصون والقلاع هو الذي مهّد لصلاح الدين الأيوبي الانتصار الكبير الذي حققه على الفرنجة الغزاة وحرَّر البلاد وبيت المقدس منهم .
أقوال بعض المؤرخين فيه :
قال فيه المؤرخ ابن خلكان : (( له من المناقب ما لا يستغرقه الوصف )) .
وقال فيه المؤرخ ابن الأثير : (( طالعت السّيَر فلم أرَ فيها بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن من سيرته ولا أكثر تحرياً منه للعدل )) ، هذا وقد ألّف المؤرخ بدر الدين محمد بن قاضي شهبة كتاباً في سيرة السلطان نور الدين زنكي سماه:(( الكواكب الدرية في السيرة النورية )) ، وهو كتابٌ مطبوع في دار الكتاب الجديد .
رحمــــــــــــــــــــــه الـــــلـــــــــــه ورضــــــــي عنـــــــــــــــــــه..