ويتخلل الفصوص الزجاجية قليل من فصوص الحجر والرخام ، وتستخدم قطع الصدف عند الحاجة ، ولا سيما عند تصوير المصابيح المدلاة بواسطة السلاسل المثبتة في باطن عقود المباني .
هذا وإن حجم الفصوص بشكل عام يقارب مكعباً طول ضلعه سنتيمتر واحد.
وتتميز الفسيفساء الأموية أيضاً بأن مواضيعها خالية من الصور فهي قاصرة على مشاهد الطبيعة ، والعمائر ، والزخارف النباتية والهندسية ، حيث أن الشريعة الإسلامية تنهي عن تصوير الكائنات الحية تبعاً للحديث الشريف : " يعذب المصورون الذين يضاهون بخلق الله".
ويشاهد بين الفسيفساء الباقية إلى اليوم قطع يرجع تاريخ صنعها إلى ترميمات جرت في العهود السلجوقية والأيوبية والمملوكية ، يمكن تمييزها من طريقة الصنع ومن العناصر المعمارية الممثلة فيها. فهناك قطعة تحمل اسم الملك العادل نور الدين محمود من القرن الثاني عشر الميلادي في جدار الرواق الشرقي ، وأخرى تحمل اسم الظاهر بيبرس في دهليز باب البريد .
وكان يتخلل الفسيفساء الأموية كتابات وآيات قرآنية ، ولاسيما في الحرم ، تحدث عنها المؤرخون القدماء أمثال المسعودي الذي شاهد في أيامه (سنة 332هــ/943م) النص التاريخي لبناء الجامع مكتوباً بالفسيفساء ، وكانت فصوص النص مذهبة مثبتة على أرضية من الفصوص الزرقاء ، وهذا تفسير لعبارته : " أمر الوليد أن يكتب بالذهب على اللازورد الخ..." .
وكذلك أشار المهلبي إلى سور من القرآن مكتوبة بالفسيفساء ، وتشاهد مثل هذه الكتابة اليوم في فسيفساء قبة الصخرة الأموية ، فهي أشبه شيء بكتابات فسيفساء جامع دمشق المفقودة .
ومن أروع الأمثلة على الفسيفساء في الجامع الأموي واجهة المجاز القاطع الواقعة في منتصف واجهة الحرم المطلة على الصحن ، وكذلك ما وجد على جدار الرواق الغربي حيث ظهرت معالم لوحة جدارية رائعة الجمال فريدة في ألوانها ومواضعها وتكويناتها ، هي بحق تحفة رائعة من روائع الفن العالمي على امتداد العصور .
وتعود أغلب سطوح هذه اللوحة بالتأكيد إلى مرحلة الوليد ، وتعطي فكرة عما كان عليه الجامع من فخامة وبهاء. وقد ظهرت في بعض أقسامها مساحات سقطت منها الفسيفساء ، كما ظهرت في أقسام أخرى ملامح ترميم تعود في الغالب إلى عصري نور الدين محمود بن زنكي والملك الظاهر بيبرس ، وبقيت اللوحة على حالها حتى بداية الستينات من القرن الماضي ، حيث بدأت عملية ترميمها وأكملت في عام 1385هــ /1964م كما هو مدون عند الزاوية الجنوبية السفلى للوحة .
تتوضع اللوحة على جدار الصحن الغربي ، ويبلغ طولها 34.5م وعرضها 7.2م ، وارتفاعها عن مستوى أرض الرواق 5.0م ، ويحيط بأضلاعها الثلاثة العلوي والسفلي والجنوبي إطار زخرفي عريض يغيب عند ضلعها الشمالي .
|