كلمة الأسبوع

فـــضــائــل لـيــالـي عشــر ذي الحــجــة وأعمــالهــا

إدارة الموقع


فـــضــائــل لـيــالـي عشــر ذي الحــجــة وأعمــالهــا

فَضَائِلُ لَيَالِي عَشرِ ذِي الحِجَّةِ وَأَعمَالِهَا

الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين، وَأَفضَلُ الصَّلاةِ وَأَتَمُّ التَّسلِيمِ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِين.

وَبَعدُ: فَإِنَّ مَوَاسِمَ الخَيرِ وَالبَرَكَات، وَأَسوَاقَ الآخِرَةِ وَرَفعِ الدَّرَجَات، لا تَزَالُ تَترَى تَتَوَالَى عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ الْمَرحُومَةِ في الحَيَاةِ وَبَعدَ الْمَمَات، فَإِنَّهَا لا تَخرُجُ مِن مَوسِمٍ إِلا وَتَستَقبِلُ مَوسِمَاً آخَر، وَلا تَفرُغُ مِن عِبَادَةٍ إِلا وَتَنتَظِرُهَا أُخرَى، وَهَكَذَا مَا وَدَّعَ الْمُسلِمُونَ رَمَضَانَ حَتَّى نَفَحَتهُم سِتَّةُ شَوَّال، وَمَا إِنْ يَنقَضِي ذُو القَعدَة إِلا وَيُكرَمُونَ بِشَهرِ ذِي الحِجَّة، فَهَذَا مَوسِمٌ عَظِيمٌ لِلطَّاعَةٍ وَعِبَادَةٍ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الْمُبَارَكَة، فَهَا هُوَ عَشرُ ذِي الحِجَّةِ قَد أَقبَلَ عَلَينَا، بِخَيرَاتِهِ وَبَرَكَاتِهِ وَفَضَائِلِه، فَأَعظَمُ الزَّمَنِ بَرَكَةً هَذَا العَشر؛ إِذْ لَهُ مَكَانَةٌ عَظِيمَةٌ عِندَ اللهِ تَعَالى، تَدُلُّ عَلَى مَحَبَّتِهِ وَتَعظِيمِهِ لَهَا، فَهِيَ عَشرٌ مُبَارَكَاتٌ كَرِيمَات، كَثِيرَةُ الحَسَنَاتِ قَلِيلَةُ السَّيِئَات، عَالِيَةُ الدَّرَجَاتِ مُتَنَوِّعَةُ الطَّاعَات.

فَمِن فَضَائِلِ هَذِهِ الأَيَّام: أَنَّ اللهَ أَقسَمَ بِهَا فَقَال: )وَالفَجرِ وَلَيالٍ عَشْر( وَلا يُقسِمُ اللهُ إِلا بِعَظِيم، وَلَم يُقِسم رَبُّنَا فِي القُرآنِ إِلا بِأَعظَمِ الأَزمِنَةِ وَأَعظَمِ الأَمكِنَة، فَاللهُ لَهُ أَنْ يُقسِمَ بِمَن شَاءَ مِن خَلقِه، وَلَكِن لا يَجوزُ لِأَحَدٍ أَن يُقسِمَ إِلا بِاللهِ تَعَالَى، فَالقَسَمُ بِهذِهِ الأَيَّامِ يَدُلُّ عَلَى عَظَمَتِهَا وَرِفعَةِ مَكَانَتِهَا وَتَعظِيمِ اللهِ لَهَا.

وَمِن فَضَائِلِ هَذِهِ الأَيَّام: أَنَّ اللهَ قَرَنَهَا بِأَفضَلِ الأَوقَات، قَرَنَهَا بِالفَجر، وَبِالشَّفعِ وَالوَتر، وَبِاللَّيلِ إِذَا يَسر، فقال سبحانه: )وَالفَجرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْر( [الفجر: 1-4] وَكُلٌ مِن هَذِهِ الأَوقَاتِ لَها فَضَائِلُ عَظِيمَةُ القَدرِ جَلِيلَةُ الفَضل، فَلَقَد اختَارَ اللهُ الزَّمَان، فَأَحَبُّ الزَّمَانِ إِلَى اللهِ الأَشهُرُ الحُرُم، وَأَحَبُّ الأَشهُرِ الحُرُمِ إِلَى اللهِ ذُو الحِجَّة، وَأَحَبُّ ذِي الحِجَّةِ إِلَى اللهِ العَشرُ الأَوَّلُ مِنه، فَهُوَ أَفضَلُ أَيَّامِ السَّنَة، لِقَولِ رَسُولِ اللهِ عليه الصلاة والسلام: (سَيِّدُ الشُّهُورِ رَمَضَان، وَأَعظَمُهَا حُرمَةً ذُو الحِجَّة) وَقَالَ مُجَاهِدٌ رضوان الله عليه: مَا مِن عَمَلٍ فِي أَيَّامِ السَّنَةِ أَفضَلُ مِنهُ فِي العَشرِ مِن ذِي الحِجَّة، وَهِيَ العَشرُ التِي أَتَمَّهَا اللهُ لِسَيِّدِنَا مُوسَى عليه السلام.

ومِن فَضَائِلِ هَذِهِ الأَيَّام: أَنَّ اللهَ أَكمَلَ فِيهَا الدِّين؛ وَقَد حَسَدَنَا اليَهُودُ عَلَى هَذَا الكَمَال، فَقَالَ حَبرٌ مِن أَحبَارِ اليَهُودِ لِسَيِّدِنَا عُمَرَ رضوان الله عليه: آيَةٌ فِي كِتَابِكُم لَو نَزلَتْ عَلَينَا مَعشَرَ اليَهُودِ لاتَّخَذنَا ذَلِكَ اليَومَ الذِي نَزَلَتْ فِيهِ عِيدَاً: )اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسلاَمَ دِينَاً( [المائدة: 3] فَقَالَ سَيِّدُنَا عُمَرُ رضوان الله عليه: (إِنِّي أَعلَمُ أَيَّ يَومٍ نَزَلَت هَذِهِ الآيَة، نَزَلَتْ يَومَ عَرفَةَ فِي يَومِ جُمُعَة) وَكَمَالُ الدِّينِ يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الأُمَّة.

وَمِن فَضَائِلِ هَذِهِ الأَيَّام: أَنَّ اللهَ أَتَمَّ فِيهَا النِّعمَة بِأَنوَاعِ الطَّاعَاتِ القَولِيَّةِ وَالفِعلِيَّةِ وَالتَّعَامُلِيَّة، وَمِن تَمَامِ النِّعمَةِ أَنَّ اللهَ فَتَحَ قُلُوبَ العِبَادِ لِلإِسلَام، فَدَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللهِ أَفوَاجَاً، وَمِن تَمَامِ النِّعمَةِ مَنعُ الكُفَّارِ مِن دُخُولِ الحَرم، وَاختِصَاصُ الْمُسلِمِينَ بِذَلِكَ إِلَى يَومِ القِيَامَة، وَمِن تَمَامِ النِّعمَةِ مُضَاعَفَةُ الأُجُورِ وَالحَسَنَاتِ فِي هَذَا العَشر.

وَمِن فَضَائِلِ هَذِهِ الأَيَّام: أَنَّ كَثِيرَاً مِن العِبَادَاتِ تَجتَمِعُ فِيهَا وَلا تَجتَمِعُ فِي غَيرِهَا، فَفِيهَا دُعَاءٌ وَاستِغفَار، وَصَلَوَاتٌ وَصَدَقَات، وَصَومٌ وَحَجّ، وَذِكرٌ وَتَلبِيَة، فَاجتِمَاعُ هَذِهِ العِبَادَاتِ شَرَفٌ عَظِيمٌ لِهَذَا العَشرِ الْمُبَارَك.

وَمِن فَضَائِلِ هَذِهِ الأَيَّام: أَنَّهَا أَفضَلُ أَيَّامِ الدُّنيَا عَلَى الإِطلَاق، دَقَائِقُهَا وَسَاعَاتُهَا وَأَيَّامُهَا وَأُسبُوعُهَا، فَهِي أَحَبُّ الأَيَّامِ إِلَى الله، وَالعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى الله، لِأَنَّهَا مَوسِمٌ لِلرِّبحِ وَالفَوز، وَهِيَ طَرِيقٌ لِلنَّجَاةِ وَالفَلَاح، وَهِيَ مَيدَانُ السَّبقِ إِلَى الخَيرَات، لِقَولِ نَبِيِّنَا عليه الصلاة والسلام: (مَا مِن أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِن هَذِهِ الأَيَّام) يَعنِي أَيَّامَ عَشرِ ذِي الحِجَّة، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَلا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله؟ قال: (وَلا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله، إِلا رَجُلٌ خَرجَ بِنَفسِهِ وَمَالِهِ، فَلَم يَرجِعْ مِن ذَلِكَ بِشَيء) وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ العَمَلَ فِي أَيَّامِ العَشرِ أَفضَل مِنَ الجِهَادِ بِالنَّفسِ وَالْمَال، وَأَفضَلُ مِنَ الجِهَادِ بِهِمَا، وَالعَودَةِ بِهِمَا أَو بِأَحَدِهِمَا، لِأَنَّهُ لا يَفضُلُ العَمَلُ فِيهَا إِلا مَن خَرَجَ بِنَفسِهِ وَمَالِه وَلَم يَرجِعْ لا بَالنَّفسِ وَلا بِالْمَال.

وَقَد رُوِيَ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضوان الله عليه أَنَّهُ قَال: "كَانَ يُقَالُ فِي أَيَّامِ العَشر: بِكُلِّ يَومٍ أَلفُ يَوم ، وَيَومُ عَرَفَةَ بِعَشرَةِ آلافِ يَوم" يَعنِي فِي الفَضل. ورُوِيَ عَن الأَوزَاعِيِّ رضوان الله عليه قال: "بَلَغَنِي أَنَّ العَمَلَ فِي يَومٍ مِن أَيَّامِ العَشرِ كَقَدرِ غَزوَةٍ في سَبِيلِ الله، يُصَامُ نَهَارُهَا وَيُحرَسُ لَيلُهَا، إِلا أَنْ يَختَصَّ امرُؤٌ بِالشَّهَادَة".

وَمِن فَضَائِلِ هَذِهِ الأَيَّام: أَنَّهُ يُستَحَبُّ الصِّيَامُ فِيهَا، وَأَخبَرَ نَبِيُّنَا عليه الصلاة والسلام أَنَّ فَضلَ الصِّيَامِ وَأَجرَهُ عَظِيمٌ فِيهَا، فَقَال عليه الصلاة والسلام: (مَا مِن أَيَّامٍ أَحَبُّ إِلى اللهِ أَن يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا مِن عَشرِ ذِي الحِجَّة، يَعدِلُ صِيَامُ كُلِّ يَومٍ مِنهَا بِصِيَامِ سَنَة، وَقِيَامُ كُلِّ لَيلَةٍ مِنهَا بِقِيَامِ لَيلةِ القَدر) وَكَانَ رَسُولُ اللهِ عليه الصلاة والسلام لا يَدَعُ صِيَامَ هَذِهِ الأَيَّامِ الْمُبَارَكَة.

وَمِن فَضَائِلِ هَذِهِ الأَيَّام: أَنَّهُ يُستَحَبُّ قِيَامُ لَيلِهَا، وَأَخبَرَ نَبِيُّنَا عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ يَعدِلُ قِيَامُ كُلِّ لَيلَةٍ مِنهَا بِقِيَامِ لَيلَةِ القَدر، وَكَانَ ابنُ عَبَّاسٍ رضوان الله عليه يَقول: "لا تُطفِئُوا سُرُجَكُم فِي لَيَالِي العَشر" وَهَذَا كِنَايَةٌ عَن طُولِ القِيَامِ فِي لَيَالِي العَشَر.

وَمِن فَضَائِلِ هَذِهِ الأَيَّام: أَنَّ فِيهَا يَومُ عَرَفَة، وَهُوَ اليَومُ التَّاسِعُ مِن ذِي الحِجَّة، وَهُوَ يَومٌ مَعرُوفٌ بِالفَضل، وَكَثرَةِ الأَجرِ وَغُفرَانِ الذَّنب. وَقَد رُوِيَ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضوان الله عليه قَال: "يَومُ عَرَفَةَ بِعَشرَةِ آلافِ يَوم" أي في الفَضْلِ والأجرِ والثَّوَاب.

ومِن فَضَائِلِ هَذِهِ الأَيَّام: أَنَّ فِيهَا يَومَ النَّحر، وَهُوَ اليَومُ العَاشِرُ مِن ذَي الحِجَّة، وَهُوَ مِن أَفضَلِ الأَيَّام، وَفِيهِ مُعظَمُ أَعمَالِ مَنَاسِكِ الحَجّ، مِنْ رَميِ الجَمرَةِ وَحَلقِ الرَّأس، وَذَبحِ الهَديِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعي، وَصَلاةِ العِيدِ وَذَبحِ الأُضحِيَة، وَاجتِمَاعِ الْمُسلِمِينَ فِي صَلَاةِ العِيد، وَتَهنِئَةِ بَعضِهِم.

أيها الإخوة: إِنَّ فَضَائِلَ العَشرِ كَثيرَةٌ وَعَظِيمَة، لا يَنبَغِي لِلمُسلِمِ أَن يُضَيِّعَهَا، بل يَنبَغِي أَن يَغتَنِمَهَا وَيُحَصِّلَهَا، وَأَن يُسابِقَ إِلَى الخَيرَاتِ فِيهَا، وَأَن يَشغَلَهَا بِالأَعمَالِ الصَّالِحَة:

فمِنَ الطَّاعَاتِ الْمَشرُوعَةِ في هَذِهِ الأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ كَثرَةُ الذِّكر: لِقَولِهِ تَعَالَى: )لِيَشهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسمَ ٱللهِ فِي أَيَّامٍ مَعلُومَـاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِن بَهِيمَةِ ٱلأنعَام( وَرُوِيَ عَنِ ابنِ عُمَرَ رضوان الله عليه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ عليه الصلاة والسلام قَال: (مَا مِن أَيَّامٍ أَعظَمُ عِندَ اللهِ وَلا أَحَبُّ إِليه، مِنَ العَمَلِ فِيهِنَّ مِن هَذِهِ الأَيَّامِ العَشر، فَأَكِثُروا فِيهِنَّ مِنَ التَّهلِيلِ وَالتَّكبِيرِ وَالتَّحمِيد).

وَمِنَ الطَّاعَاتِ الْمَشرُوعَةِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الْمُبَارَكَة كَثرَةُ نَوَافِلِ الصَّلَوَات: كَصَلَاةِ الضُّحَى وَقِيَامِ اللَّيلِ وَالتَّهَجُّد، فَالْمُحَافَظَةُ عَلَى النَّوَافِلِ سَبَبٌ لِمَحَبَّةِ اللهِ لِلعَبد، وَمَن نَالَ مَحبةَ اللهِ حَفِظَهُ اللهُ وَأَجَابَ دُعَاءَه، وَأَعَاذَهُ وَرَفَعَ مَقَامَه.

وَمِنَ الطَّاعَاتِ الْمَشرُوعَةِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الْمُبَارَكَة كَثرَةُ الصَّدَقَة: إِذ الصَّدَقَةُ فِيهَا أَفضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ في رَمَضَان، وَمَا أَكثَرَ حَاجَاتِ النَّاسِ فِي أَيَّامِ العَشر، مِنَ النَّفَقَةِ وَالاستِعدَادِ لِلحَجِّ وَالعِيد، وَطَلَبِ الأُضحِيَةِ وَنَحوهَا. وَبِالصَّدَقَةِ يَنَالُ الإِنسَانُ البِرَّ وَيُضَاعَفُ لَهُ الأَجر، وَيُظِلَّهُ اللهُ في ظِلِّهِ يَومَ القِيَامَة، وَيَفتَحُ بِهَا أَبوَابَ الخَيرَات، وَيُغلِقُ بِهَا أَبوابَ الْمُوبِقَات، فَيُحِبُّهُ اللهُ وَيُحِبُّهُ الخَلق.

وَمِنَ الطَّاعَاتِ الْمَشرُوعَةِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الْمُبَارَكَة كَثرَةُ الصِّيَام: فَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ عليه الصلاة والسلام يَدَعُ الصِّيَامَ في هَذِهِ الأَيَّام.

فيا أيها الإخوة: يَنبَغِي لِلمُسلِمِ أَنْ يُسَارِعَ في هَذهِ العَشْرِ إلى كُلِّ عَمَلٍ صَالح، عَسَى أَن يُكتَبَ مَعَ حُجَّاجِ بَيتِ اللهِ الحَرَام، فَقَد قَالَ ابنُ رَجَب رَحمهُ الله: "لَمَّا كَانَ اللهُ قَد وَضَعَ فِي نُفُوسِ الْمُؤمِنِينَ حَنِينَاً إِلَى مُشَاهَدَةِ بَيتِهِ الحَرَام، وَلَيسَ كُلُّ أَحَدٍ قَادرَاً عَلَى مُشَاهَدَتِهِ كُلَّ عَام، فَرَضَ اللهُ عَلَى الْمُستَطِيعِ الحَجَّ مَرَّةً وَاحِدَةً في عُمُرِه، وَجَعَلَ مَوسِمَ العَشرِ مُشتَرَكَاً بَينَ السَّائِرِينَ إِلَيهِ وَالقَاعِدِينَ عَنه، فَمَن عَجَزَ عَنِ الحَجِّ فِي عَامٍ قَدَرَ في العَشرِ عَلى عَمَلٍ يَعمَلُهُ في بَيتِه، يَكُونُ أَفضَلُ مِنَ الجِهَاد، والجهاد أَفضَلُ مِنَ الحَج".

إِنَّ هَذِهِ الأَيَّامِ وَاللَّيَالِي الْمُبَارَكَةِ مَوسِمٌ عَظِيم، فَلَا يَقُولَنَّ قَائِل: إِنَّ التَّمَتُّعَ بِهَذَا الْمَوسِمِ وَالحُصُولَ عَلَى هَذَا الفَضلِ الكَبيرِ خَاصٌ بِمَنْ شَدَّ الرِّحَالَ إِلى بَيتِ اللهِ لِأَدَاءِ الْمَنَاسِك، أَمَّا مَن قَعَدَ فِي بَلَدِهِ فَلَيسَ لَهُ في ذَلِكَ نَصِيب، وَلَئِنْ فَاتَ المقِيمَ أَنْ يَتَمَتَّعَ بِمَنَاسِكِ الحَج، فَلَنْ يَفُوتَهُ العَمَلُ الصَّالِحُ وَهُوَ في بَلَدِهِ وَبَيتِه، لِيَحظَى بِالْمَغفِرَةِ وَالرَّحمَةِ وَالعِتقِ مِنَ النَّار، فَاللهُ تَعَالَى كَرِيمٌ حَلِيم، وَفَضلُهُ وَاسِعٌ عَظِيم، وَهُوَ بِالْمُؤمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيم.

 

Copyrights © awqaf-damas.com

المصدر:   http://www.awqaf-damas.com/?page=show_det&category_id=33&id=3452