المعالم الدمشقية الأثرية » دور القرآن والحديث والمدارس

دار الــقـــرآن الــدلـامــيــة

إدارة التحرير


 

تقع دار القرآن الدلامّية في مدينة دمشق خارج أسوارها الشمالية الغربية , في حي الصالحية ، في شارع ابن المقدم عند نقطة تعامده مع زقاق ابن عبد ربه ، وعند منتصف الطريق بين جامع المدرسة الماردانية جنوباً وجامع المدرسة الجهاركسية في جادة المدارس شمالاً.

وهي مشيّدة مملوكية ، أنشأها الجناب الخواجكي (كبير التجار) الرئيسي الشهابي أبو العباس أحمد ابن المجلس الخواجكي زين الدين دلامة بن عز الدين نصر الله البصري ، أجلّ أعيان الخواجكية بالشام ، إلى جانب داره ، وأوقفها في سنة 847هـ/1443م ، ورتّب لها إماماً وقيّماً وستة مهاجرين فقراء لقراءة القرآن ، وقرّر لهم معلوماً. وأول من باشر الإمامة والمشيخة بها الشيخ شمس الدين البانياسي والقراءة شمس الدين بن حامد. ثم توفي الواقف في سنة 853هـ/1449م ودُفن فيها.

وقد تناولتها أيدي المختلسين قديماً ، فجعلوا نصفها داراً والنصف الآخر جنينة للورد والأزهار ، فلمّا كانت سنة1300هـ/1882م ، أي في العصر العثماني ، استخلصها المحسن علي بك بن مردم باشا المؤيد العظم من يد مختلسها ، وجدّد بناءها على الطراز الذي هي عليه الآن. وقد نُقش في لوحة رخامية أعلى باب الحرم ما نصّه :"جدّد هذا المسجد المبارك علي المؤيد بن سعادة أحمد بك بمساعدة سرّ السيّد ابراهيم الرشيد قدّس سرّه سنة 1302هـ" (أي 1884م). وقد كان بقي من بنائها القديم واجهتها المملوكية والسبيل ومحرابها وقبر واقفها وأحجار أرضيتها. ثم بنى بعض أهل الخير مئذنة فوق بابها في سنة 1364هـ/1944م. ثم تمّ توسيع المدرسة وتجديدها 1406هـ/1985م ، كما هو مسجّل في لوحة على ساكف مدخلها.

 والمدرسة ذات مسقط شبه مستطيل ، تبلغ مساحتها نحو 400م2. وهي تتألف من مدخل وتربة وسبيل خارجي غير ملائم استُحدث بدلاً من السبيل الأثري (ينبغي إزالته) ، وصحن ، وإيوان شماليه وحرم جنوبيه. والمدرسة لها واجهة غربية رئيسية وحيدة ، وهي ذات جبهة حجرية جميلة مبنية من مداميك الحجر الأبلق وغنية بالزخارف المتنوعة  وتتوزع فيها الأبواب والشبابيك المستطيلة المغطّاة بالمشبكات المعدنية بشكل منتظم ، يعلوها مدماك حجري بازلتي أسود مزرّر فوق منتصفها ، تعلوه بالتالي حشوات مستديرة متناظرة مزرّرة ومورّقة وموزّعة بانتظام فوق الشبابيك. ثم تنتهي أعلى الواجهة بشريط حجري مزرّر مؤطّرٍ بإفريز علوي ذي حنايا ضحلة. وينصّف الواجهة مدخل رائع ذي قوصرة معقودة بعقد ضخم مدبب ذي صنجات من الحجر الأبلق ، وهو مؤطّر بإفريز حجري زخرفي يعلوه إفريز ذي حنايا ضحلة. ويتضمن المدخل جلستان حجريتان عن يمينه ويساره ، وباب مستطيل ذي ساكف مستقيم يعلوه شريط حجري مزرّر تعلوه بالتالي حشوة مستديرة مزرّرة. وقد شُيدّت المئذنة فوق المدخل بقاعدة مربعة انتقلت عبر مثلثات هرمية حجرية ركنية إلى الجذع المثمّن المتضمن كوّات ضيقة للإنارة ، تعلوها أشرطة حجرية تزينية سوداء ، ليصل الجذع إلى شرفة المؤذن البارزة عبر أفاريز حجرية بسيطة. والشرفة ذات مسقط مثمن أيضاً ، لها درابزين ذي زخارف هندسية مفرغة. ثم يستمر الجذع بمسقطه المثمن ليحمل مظلة الشرفة المثمنة ، يعلوها جوسق مثمن ، ثم يستمّر الجوسق دائرياً ليحمل ذروة صنوبرية متوّجة بالهلال.

وترتفع عن يمين المئذنة قبة التربة ، وهي قبة نصف كروية متجاوزة ، طُليت حديثاً باللونين الأخضر والأبيض على شكل أقواس متتابعة ؛ وهي ترتكز على رقبة مثمنة ، قد فُتح بكل ضلع من أضلاعها نافذة معقودة بعقد نصف دائري ضمن تجويف حجري بسيط. وتظهر واجهة سقف الحرم عن يمين القبة بشكل سنامي ، حيث تنصّف واجهته المطلية باللون الأبيض نافذة مستطيلة. وترتفع عن يسار المئذنة جبهة حجرية للمصلى العلوي المستحدث تنتهي بشرّافات مسنّنة ، وهي تحتوي على ست فتحات مستطيلة متماثلة معقودة بعقد مدبب.

 

ويحتوي مدخل المدرسة على باب معدني مستحدث ذي مصراعين يفتح على دهليز عرضي ، يؤدي عن يساره شمالاً إلى أربع درجات يُصعد بها إلى الإيوان الشمالي للصحن ، الذي كان يحوي خلاوي للقرّاء  ثم أُغلق وأصبح مصلىً مستحدثاً ، ثمّ من درج غربي ملاصق للدرجات الأربع يُصعد عبره إلى مصلىً علويٍ إضافي. وهذا الدهليز يؤدي عن يمينه جنوباً إلى باب التربة ذي المصراعين ، الذي يفتح على قاعتها ذات المسقط المربع المحتوية على قبر الواقف الرخامي ، والتي تحمل جدرانها قبة نصف كروية تستند على رقبة مثمنة ، وقد طُليت بطلاء أخضر حديث ذي زخارف متنوعة وملوّنة. وجدران التربة الداخلية مطلية بالدهان الأبيض ، وقد فُتح باب في جدارها الجنوبي يفضي إلى الحرم ، وباب ذو فتحة علوية نصف دائرية في زاويتها الشرقية الجنوبية يفضي إلى الصحن ، هذا عدا عن الباب الرئيسي الذي ينصّف جدارها الغربي المؤدي إلى الخارج. ويحتوي الدهليز أيضاً في زاويته الشرقية الجنوبية على باب ذي مصراعين يفتح على صحن المدرسة.

وصحن المدرسة ذو مسقط مستطيل ، رُصفت أرضيته بالحجر الأبلق ، وفتحت في جداره الشرقي أربع نوافذ متماثلة معقودة بعقد نصف دائري تعلوها فتحات علوية مستطيلة. وقد جُعلت بركة الميضأة الحجرية ذات المسقط المربع في الثلث الأول من الصحن وعلى محور مدخل الحرم ومحرابه ، ولها نافورة حجرية متدرجة. ويقع محراب مصلى الصحن على محور الثلث الثاني منه ، وهو ذو حنية نصف دائرية وطاسة نصف كروية شعاعية. ويوجد عن يسار المحراب شباك مستطيل ذي مشبكات معدنية. وأما مدخل الحرم فيحوي شباكين متماثلين عن يمينه ويساره ، وهما مستطيلان تعلوهما فتحتين نصف دائريتين. وينصّف الشباكين باب الحرم الذي تعلوه أيضاً فتحة واسعة نصف دائرية.

  وباب الحرم خشبي ذو مصراعين يفتح على الحرم ذي المسقط المستطيل ، والمغطّى بسقف سنامي خشبي يرتكز على جسور خشبية تستند بدورها على جدارن الحرم ، وقد طُليت جميع اجزائه باللون الأبيض. وجدران الحرم الشرقي والغربي منها متماثلة ، ينصّف كل واحد منهما شباكان مستطيلان مرتفعان  يعلوهما شباكان من الزجاج المعشّق ضمن الجبهة المثلثة للسقف السنامي. وأما الواجهة الجنوبية الداخلية للحرم فينصّفها المحراب المملوكي ، والذي بُنيت واجهته من الحجر المشهّر (الأبيض والسماقي). والمحراب ذو حنية نصف دائرية مشيّدة من مداميك الحجر المشهّر أيضاً ، تعلوها طاسة نصف كروية ذات عقد مدبب ، والذي تعلوه بالتالي لوحة حجرية نُقش فيها نصّ الآيتين الكريمتين 96و97 من سورة آل عمران :

"إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين* فيه آيات بينات مقام ابراهيم ومن دخله كان آمناً ولله على الناس حج البيت ......".

ويوجد عن يسار المحراب منبر خشبي استحدث في تجويف ملاصق له ، قد زُخرف بزخارف رخامية هندسية حديثة ، وزُنِّر بإطار رخامي ذي زخارف هندسية جمعه مع المحراب. ثم يوجد في الزاوية الغربية للواجهة الغربية خزانة جدارية خشبية ، وفي زاويتها الشرقية خزانتان جداريتان خشبيتان. وقد كُسيت أسفل جدران الحرم كلها بإزار رخامي حديث ، وطُليت جميع الأجزاء العلوية للجدران بالدهان الأبيض.

 

 

 

مراجع للإستزادة:                                           

-                        ابن طولون , القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية , مطبوعات مجمع اللغة العربية ،دمشق 1980م.

-                      عبد القادر النعيمي ,  دور القرآن في دمشق , تحقيق المنجد , دار الكتاب الجديد ، بيروت 1982م.

-                        يوسف بن عبد الهادي ,  ثمار المقاصد في ذكر المساجد , الذيل لأسعد طلس , مكتبة لبنان ، بيروت 1975م.

قتيبة الشهابي، مشيدات دمشق ذوات الأضرحة وعناصرها الجمالية، وزارة

 

Copyrights © awqaf-damas.com

المصدر:   http://www.awqaf-damas.com/?page=show_det&category_id=138&id=3288