صور من الذاكرة

فضيلة الشيخ محمد صالح الحموي رحمه الله تعالى

إدارة التحرير


فضيلة الشيخ محمد صالح الحموي رحمه الله تعالى

الشيخ محمد صالح الحموي

(1350-1430هـ)

اسمه ونسبه ونشأته:

فضيلة العالم الجليل الصوفي الصالح الشيخ محمد صالح بن محمد بن إسماعيل بن مصطفى بن حسن الحموي لقباً الدمشقي مولداً ووفاةً الحنفي مذهباً الأشعري عقيدةً الشاذلي الدرقاوي الهاشمي طريقةً.

ولد في دمشق في حي العمارة البرانية في زقاق حكر السرايا 1350هـ، الموافق لـ 1931م  في بيت متواضع ضمن عائلة متوسطة المعيشة، ونشأ نشأة صالحة فأخذ بأسباب المعيشة واشتغل بطلب العلم فجمع بذلك بين الأمرين، فعمل بالطاحونة التي كان يملكها والده، وعمل بخياطة جميع أنواع الألبسة  وكان في مهنته متقنا متفنناً يقصده من أجلها القاصي والداني، ومما زاد الإقبال عليه عمله في خياطة جبة العلماء التي أجاد فيها وأبدع فأجرى عليها تعديلات كثيرة جعلتها أكثر هيبة وجمالا، حيث تعدُّ خياطة الجبة من المهارات النادرة في صنعة الخياطة.

شيوخه وإجازاته:

أكرم الله الشيخ رحمه الله بطلب العلم منذ الصغر وذلك حينما وضعته أمه رحمها الله عند امرأة تعلم القرآن الكريم (الخجا)، وبدأ عندها تعلم قراءة القرآن الكريم وأحكام الصلاة، وبعد ذلك دخل مدرسة الفاروق وحصل فيها على الشهادة الابتدائية .

ثم لازم حلقات العلماء كالشيخ محمد صالح الفرفور وحضر دروسه في الجامع الأموي وجامع فتحي ومسجد السادات أقصاب فقرأ عليه الكثير من العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية حيث درس الفقه الحنفي والأحوال والعقيدة والنحو والصرف والقرآن وتجويده، كما حضر دروس الشيخ محمد الهاشمي وأجازه بالطريقة الشاذلية الدرقاوية ، والشيخ محمد سعيد البرهاني وأجازه بعد أن أدخله الخلوة، والشيخ محمد لطفي الفيومي، والشيخ إبراهيم اليعقوبي والشيخ عبد الرزاق الحلبي والشيخ أديب الكلاس وتردد إلى مجالس الشيخ أحمد الحارون وانتفع بحاله.

وممن أجازه الشيخ طاهر الكيالي من حمص بالطريقة الرفاعية، وأجازه الشيخ أحمد كامل البهي من مصر بطريقة الشيخ أحمد البدوي، وأجازه الشيخ أحمد وهاج  الصديقي بثلاث طرق صوفية.

وظائفه الدينية ونشاطاته الاجتماعية:

تولى الخطابة في مسجد السادات المجاهدين في حي العمارة بدمشق، وأقام فيه دروسه في الوعظ والإرشاد وتعليم القرآن والفقه ومجالس الذكر وكان الناس يقبلون عليه لينهلوا من حاله قبل مقاله، وكانت له مجالس علم وفقه، كما أنه أقام دروسا ومجالس دورية في عدد من القرى والأرياف القريبة من دمشق. 

عرف بين الناس بالشيخ المصلح حيث وهب حياته لإصلاح ذات البين، فلا يعلم باثنين من الناس اختلفا إلا وسعى للإصلاح بينهما .

تلامذته :

تلامذة الشيخ كثيرون يضيق المقام عن ذكر أسمائهم وحصرهم، أما تلامذته الذين أجازهم فمنهم: الشيخ محمد موفق المرابع، والشيخ نذير قشلان، والشيخ محمود البيروتي، والشيخ جمال الدين الحافظ، والشيخ الدكتور محمد وهبة، والشيخ يحيى الغوثاني والشيخ وائل مخلوطة، والشيخ محمد صالح المرابع، والشيخ ربيع عبد الواحد، والشيخ محمد سعيد الأيوبي، وغيرهم.

صفاته :

الفهم السليم لملامح الدين حيث بنى فكره على عقيدة صحيحة وفهم سليم للقرآن والسنة النبوية وتمسك بكلام الفقهاء المعتمدين وتجنب الأخذ بالأقوال الشاذة.

 السلوك الديني: حيث كان رحمه الله يتأسى بصفات الحبيب المصطفى r في جميع حركاته وسكناته لا يخالف قوله فعله ولا ظاهره باطنه مما جعله محل قدوة وأسوة صالحة .

الخبرة بالنفوس وأشكالها: كان الشيخ رحمه الله خبيراً بنفوس مريديه بصيراً بأحوال الناس الذين يتكلم معهم.

شدة المحافظة على السنة النبوية من العبادات والقربات والأذكار المأثورة، وكان الشيخ زاهدا وورعاً وباراً بوالديه وإخوانه وتلاميذه.

 والشيخ رحمه الله من أهل القلوب، رزقه الله قلباً خاشعاً وطرفاً دامعاً وطريقته بالدعوة تعتمد في جلها على محبة الله ورسوله،

أقواله :

ـ الماء البارد ينتزع الشكر من القلب انتزاعاً .

ـ المريد الصادق منبر ناطق

ـ أيها المريد كن همزة وصل ولا تكن همزة قطع .

ـ من تذلل تدلل .

ـ التسليم للعليم نعيم مقيم إلى أبد الآبدين .

ـ ومن مناجاته رحمه الله : اللهم يا من رفعت الكواكب وأجريت المراكب، ويا من نوره على قلبي ساكب، لا تحرمني من مشاهدة المواهب، إلهي حبك سامي فوق الأسامي

ـ اللهم يا من لطفت في خلق السماوات والأرض ولطفت في خلق الأجنة في بطون أمهاتها ، ألطف بنا وبأمة حبيبك المصطفى يا لطيف .

 وفاته:

توفي رحمه الله صباح الأربعاء 24 جمادى الآخرة / 1430هـ الموافق لـ 17 حزيران / 2009 م.

ومن أقوال العلماء في وفاته :

فضيلة الشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي :

عندما تبتلى الأمة برحيل علمائها الصالحين الذين شهدت لهم الأمة بالصلاح والاستقامة والقرب من الله تكون مصيبة كبيرة، رحل بالأمس عالم رباني ، ورحل قبله مثله، وها نحن نودع عالماً ربانياً شهدت له أمتنا بالصلاح والاستقامة والتقوى، فرحيل هؤلاء العلماء رحيل في الظاهر في الجسد فقط أما عنايتهم مستمرة ورعايتهم لنا باقية وقد لا نشعر بهذه الصلة، ولكننا نستشعر بالنتائج .

فضيلة الشيخ الدكتور حسام الدين الفرفور :

فضيلة المرشد المربي الدال على الله العالم الرباني الشيخ محمد صالح الحموي كان دل على الله بحاله، كنت تنظر في وجهه فتذكر الله عز وجل، كان ينهض بك حاله قبل أن يدلك على الله مقاله، فالذي امتاز به فضيلة شيخنا الراحل أنه كان ينشر مع الطريق الفقه في الدين والعلم، يقرأ الفقه والحديث والتفسير ويقرأ اللغة العربية والسيرة النبوية والأخلاق والشمائل والتربية وله مجالس في القرآن والذكر والفقه، وهذا هو المنهج الذي رأينا عليه مشايخنا مشايخ الشام حيث امتازوا بالجمع بين الطريقة والحقيقة والشريعة.

أمرنا أن نذكر محاسن موتانا وخصوصاً عندما يكون المتوفى شيخنا وأستاذنا وأهل علم وفضل وتربية فقد ربى جيلاً من أهل العلم ومن أهل الطريق ومن المربين ومن المسلكين ومن الدعاة المخلصين، ربى جيلا في دمشق وضواحي دمشق وحفظ الله هذا الجيل وبارك به وبأولاده.

فضيلة الشيخ أحمد سامر القباني مدير أوقاف دمشق :

اليوم تودع دمشق علماً من أعلامها .. هو الشيخ صالح الحموي هذا الشيخ الجليل الذي كنت تجلس أمامه فيرتفع إيمانك بالله عز وجل بما يقول من حكمه، ومن الكلمات التي تبقى في الذاكرة، ومن الحال الذي تأخذه منه، ومن الشحنة الإيمانية التي يبثها فيك، فتخرج من عنده شخصاً آخر غير الشخص الذي دخل إليه.

 

Copyrights © awqaf-damas.com

المصدر:   http://www.awqaf-damas.com/?page=show_det&category_id=97&id=2690