الشيخ محمد الشريف اليعقوبي
1282 – 1362هـ = 1865 – 1943م
فقيه مالكي، داعية كبير، صوفي شاذلي نقشبندي ، مرشد مربٍ ، من كبار أولياء عصره .
مولده ونشأته :
هو محمد الشريف بن محمد الصديق بن محمد الحسن بن محمد العربي بن أحمد بن بابا
حبّي بن الخضر بن عبد القادر اليعقوبي , الحسني , يرجع أصله إلى المغرب العربي , وأسرة اليعقوبي منتشرة في الجزائر وفي مراكش في أكثر من مدينة .
ولد في دمشق سنة 1282 هـ , ونشأ في حجر والده وجده وعمه محمد مزيان أبي صالح بن محمد الحسن , حفظ القرآن الكريم على والده في جامع البريدي ( حي السويقة ) وجوَّده , وحفظ عليه المتون في سائر العلوم , وتلقّى عنه الفقه والعربية والحديث والأصول .
وأَخذَ الطريقة الخلوتية عن والده كذلك , وعن جده وعمه , وأخذ بالإضافة إليها الطريقة النقشبندية عن عمه أبي صالح الذي أخذها عن بيت الخاني .
بعد وفاة والده اشتغل بالتعليم , فاعتنى بتأسيس المكاتب ( الكتاتيب ) فإلى جانب تعليمه في جامع البريدي أسس ثلاثة مكاتب : أولها في باب المصلى بالميدان الذي أسسه مع الشيخ صالح ابن الشيخ الطيب والثاني في زقاق النقيب بالعمارة مع الشيخ عبد القادر ابن الشيخ الطيب أيضاً , والثالث المدرسة الريحانية في زقاق المحكمة ( خلف الصاغة الجديدة بالحريقة ) مع الشيخ محمد المبارك والشيخ عبد الجليل الدرّة .
شيوخه :
تتلمَذَ على الشيخ محمد الطيب الدّلسي صهر الشيخ المهدي السكلاوي وأخذ عنه الطريقة الشاذلية الفاسية وكان معه إلى أن مات , فأصبح مع أخيه الشيخ محمد مبارك الدّلسي , ولازمه إلى أن مات كذلك فورث مقامه , وجلس في زاويته ( دار القرآن الخيضرية ) وقرأ على الشيخ عبد القادر الدُّكالي , تلميذ الشيخ عليش شيخ الأزهر ومفتي المالكية , وعلى الشيخ ماء العينين الشنقيطي , والسيد محمد بن جعفر الكتاني وقد لازمه مدة طويلة , وأجازه هؤلاء كلهم كما وقرأ على الشيخ سليم سمارة , وكان يحضر على المحدث الأكبر الشيخ بدر الدين الحسني في مجلس خاص تفسير الجلالين , وأخذ منه إجازة , وله كذلك إجازة من الشيخ أمين سويد , وإجازة خاصة بثبت ( مناهل الصفا لإخوان الوفا ) للشيخ فالح الظاهري .
صفاته وأخلاقه :
تحلّى بأخلاق علماء التصوّف , فكان شديد التوكّل على الله مجاب الدعوة كريماً معطاءً يبذل المال ولا يستبقي بين يديه بقية , يحب الفقراء والمساكين فلا يخلو بيته منهم وقلّما يدخل إلى داره أحد إلا تناول طعاماً , والبركة في طعامه ظاهرة لا يُطعِم إلا ألذ المأكولات , أنيق الملبَس , حسن المظهر وهو مربِّ بأفعاله وأقواله يقف بجانب الحق ولا يبالي ، له قصص ومواقف تدل على هذه الأخلاق منها : أنه كان يُكرم خدم الجامع الأموي ويعطيهم كل حين , دخل مرة يصلي فطلب إليه خادم منهم عطاء ولم يكن معه مال فاستدان من الشيخ سعيد الأحمر , أحد أصحاب المحلات في سوق المسكية فأعطى ذلك الخادم وفي اليوم التالي عندما ردَّ الشيخ الدَّيْنَ قال له الشيخ سعيد : هل تدري أنك أعطيت رجلاً غنياً غير محتاج ؟ فقال له : إنك أفسدت عليَّ نيتي وأرجو ألا تقول لي مثل ذلك في مرة قادمة فأنا أعطيته لله.