الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

منابر دمشق

تاريخ النشر 2017-11-26 الساعة 08:25:06
فضائل وفوائد الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
الدكتور الشيخ محمد خير الشعال

قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ

 سَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] وقال سبحانه: { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا

(8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } [الفتح: 8، 9].

" وَتُعَزِّرُوهُ" و وَتُوَقِّرُوهُ"  الهاء فيهما ترجع لرسول الله صلى الله عليه وسلم،

ومعنى تعزروه تُعَظِّمُوهُ وَتُفَخِّمُوهُ، قَالَهُ الْحَسَنُ، وَقَالَ قَتَادَةُ: تَنْصُرُوهُ

ومعنى توقروه أَيْ تُسَوِّدُوهُ، قَالَهُ السُّدِّيُّ. وَقِيلَ تُعَظِّمُوهُ. وَالتَّوْقِيرُ: التَّعْظِيمُ.

أيها الإخوة:

بمناسبة دخول شهر ربيع الأول شهر ولادة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، عزمت

أن أجعل الخطب كلها خلال هذا الشهر الحبيب حديثاً عن الصلاة والسلام على رسول

الله صلى الله عليه وسلم، لنجتهد في الصلاة والسلام عليه وننال بركاتها وأسرارها،

تتحدث الخطب عن فضل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن معناها و

عن حكمها وعن مواطنها.

وهدفي من الخطب أن تكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

كلما سمعتم اسمه الشريف وأن يصير لكل منكم ورد في كل يوم من الصلاة والسلام

عليه ألف مرة على أقل تقدير.

 

 

ألا أيها الراجي المثوبة والأجرا

وتكفيرَ ذنبٍ سالف أنقضَ الظهرا

عليك بإكثار الصلاة مواظباً

على أحمد الهادي شفيع الورى طرا

فقد صح أن الله جل جلاله

يصلى على من قالها مرة عشرا

فصلى عليك الله ماحنت الدجا

واطلعت الأفلاك في أفقها فجرا

                       

عنوان خطبة اليوم: فضائل وفوائد الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أيها الإخوة:

عدّ العلماء في فضائل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفوائدِها أزيد من

أربعين فائدة تجدونها مفرقة في: كتاب فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لإسماعيل بن إسحاق المالكي (المتوفى: 282هـ)، وكتاب الصلاة على النبي صلى الله

عليه وسلم، لأبي بكر بن أبي عاصم (المتوفى: 287هـ)، وكتاب فضل الصلاة على

النبي صلى الله عليه وسلم للقاضي عياض اليحصبي (ت 544?)، وكتاب جلاء

الأفهام

في فضل الصلاة على محمد خير الأنام، لابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)، وكتاب

القَول البَدِيع في الصَّلاةِ عَلَى الحَبِيبِ الشَّفِيعِ، لشمس الدين السخاوي (المتوفى:

  902هـ)، وكتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ عبد الله سراج الدين، وكتاب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لشحاتة محمد صقر، وغيرها.

وها أنا أعرض لكم مما جاء في آخرها أطرافا.

فمن فضائل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وفوائدها:

1 - امتثال أمر الله عز وجل وموافقته سبحانه وتعالى في الصلاة عليه صلى الله عليه

وسلم، وإن اختلفت الصلاتان: فصلاتنا عليه دعاء وسؤال، وصلاة الله تعالى عليه ثناء وتشريف.

وأيضًا موافقة الملائكة فيها؛ قال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا

الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56].

2 - حصول عشر صلوات من الله عز وجل ومن الملائكة على المصلي بالصلاة مرة

واحدة على النبي صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ

صَلَاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» [مسلم].

وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم

جَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ وَالْبُشْرَى فِي وَجْهِهِ فَقُلْنَا: إِنَّا لَنَرَى الْبُشْرَى فِي وَجْهِكَ؟ فَقَالَ: «إِنَّهُ

أَتَانِي الْمَلَكُ

    فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ يَقُولُ: أَمَا يُرْضِيكَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْكَ أَحَدٌ إِلَّا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ

عَشْرًا، وَلَا يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَحَدٌ إِلَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا» [النسائي].

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَكْثِرُوا الصلاةَ

عَليَّ يوَمَ الجمعَة؛ فإنه أتاني جِبريلُ آنفًا عن ربِّه عز وجل فقال: «مَا عَلَى الأرضِ مِن

مُسلمٍ يُصَلِّي عليكَ مرَّةً واحدةً إلا صليتُ أنا وملائكَتي عليهِ عشرًا» [الطبراني].

3 - مَن صلّى على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة كتب الله له بهاً عشر حسنات،

ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات:

عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم

  يَوْمًا طَيِّبَ النَّفْسِ يُرَى فِي وَجْهِهِ الْبِشْرُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، أَصْبَحْتَ الْيَوْمَ طَيِّبَ

   النَّفْسِ يُرَى فِي وَجْهِكَ الْبِشْرُ؟ قَالَ: «أَجَلْ أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي عز وجل  فَقَالَ: مَنْ

 صَلَّى عَلَيْكَ مِنْ أُمَّتِكَ صَلَاةً كَتَبَ اللهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ،

وَرَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ، وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَهَا» [أحمد والنسائي].

4 - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سبب لعرض اسم المصلي على رسول

الله صلى الله عليه وسلم، وكفى بالمرء نُبلاً أن يُذكر اسمه بين يدي رسول الله صلى الله

 عليه وسلم: فعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلَامَ» [النسائي وابن حبان].

وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «حَيْثُمَا

كُنْتُمْ فَصَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي» [الطبراني].

5 - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سبب لرد النبي صلى الله عليه وسلم 

    الصلاة والسلام على المصلي والمُسَلّم عليه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن

    رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللهُ عَلَيَّ رُوحِي

حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» [أحمد وأبو داود].

6 - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سبب لزيادة محبته صلى الله عليه وسلم و

 القرب منه:

فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكثِرُوا علَيَّ

مِن الصلاةِ في كلِّ يومِ جمعة؛ فإن صلاةَ أمَّتي تُعرَضُ عليَّ في كلِّ يومِ جمعة؛ فمَن

كانَ أكثرَهم عليَّ صلاةً كانَ أقربَهُم منِّي منزِلةً» [البيهقي بإسناد حسن].

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً». [الترمذي بإسناد حسن].

(أَوْلَى النَّاسِ بِي) أَيْ أَقْرَبُهُمْ بِي أَوْ أَحَقُّهُمْ بِشَفَاعَتِي.

(أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً) وأقل الكثرة على ما قال بعض العلماء ثلاثمائة.

7 - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سبب لغفران الذنوب وسبب لكفاية العبد

ما

أهمه من أمر الدنيا والآخرة:

فعن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَهَبَ

ثُلُثَا

  اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللهَ، اذْكُرُوا اللهَ، جَاءَتْ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ،

جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ».

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟

فَقَالَ: «مَا شِئْتَ».

قُلْتُ: الرُّبُعَ؟

قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ».

قُلْتُ: النِّصْفَ؟

قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ».

قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟

قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ».

قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟

قَالَ: «إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ». [الترمذي].

قول أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رضي الله عنه -: «أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟»

معناه: أُكثِرُ الدعاء فكم أجعلُ لك من دعائي صلاةً عليك.

ونقل ابن القيم رحمه الله في (جلاء الأفهام): في تفسير هذا الحديث قال: كان لأبَيِّ

ابْنِ

كَعْبٍ دعاءٌ يدعو به لنفسه، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم: هل يجعل له منه ربعه

صلاةً عليه صلى الله عليه وسلم؟

فقال: إن زِدتَ فهو خير لك. فقال له: النصف؟ فقال: إن زدت فهو خير، إلى أن قَالَ:

«إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ»؛ لأن من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلاةً

صلى الله عليه بها عشراً، ومن صلى الله عليه كفاه همه وغفر له ذنبه. اهـ.

8 - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سبب لنَيْل شفاعته صلى الله عليه وسلم:

   فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

   «مَنْ صَلَّى عليَّ أو سألَ لِيَ الوسيلةَ حقَّتْ عليهِ شفَاعَتي يَومَ القِيَامَة» [رواه

الجهضمي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم].

9 - يُرجَى إجابة الدعاء إذا قدَّم الداعي الصلاةَ على النبي صلى الله عليه وسلم أمامه:

  قال صلى الله عليه وسلم: «كلُّ دعاءٌ محجوبٌ حتى يُصَلَّى على النبي صلى الله

عليه وسلم». [الجامع الصغير].

قال المناوي: (كلُّ دعاءٌ محجوبٌ) أي محجوب عن القبول (حتى يُصَلّي) أي حتى

   يُصَلِّي الداعي (على النبي صلى الله عليه وسلم) يعني أنه لا يرفع إلى الله حتى

يستصحب الرافع معه الصلاة عليه؛ إذ هي الوسيلة إلى الإجابة.

وقد فهم الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أثر الصلاة على رسول الله صلى الله

 عليه وسلم في إجابة الدعاء، فقال سيدنا علي رضي الله عنه: (كل دعاء محجوب

حتى يصلى على محمد r). [الطبراني موقوفًا].

وقال سيدنا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: (إِنَّ الدُّعَاءَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِ

 وَالْأَرْضِ لَا يَصْعَدُ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى تُصَلِّيَ عَلَى نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم) [الترمذي].

10 - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم  سبب لدوام محبة المسلم للرسول

    صلى الله عليه وسلم  وزيادتها وتضاعفها: وذلك عقد من عقود الإيمان الذي لا يتم إلا به، لأن العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب، واستحضاره في قلبه، واستحضار محاسنه

ومعانيه الجالبة لحبه، تضاعف حبه له وتزايد شوقه إليه، واستولى على جميع قلبه.

وإذا أعرض عن ذكره وإحضار محاسنه بقلبه، نقص حبه من قلبه، ولا شيء أقر

 لعين المحب من رؤية محبوبه، ولا أقر لقلبه من ذكره وذكر محاسنه، وتكون زيادة

ذلك ونقصانه بحسب زيادة الحب ونقصانه في قلبه، والحس شاهد بذلك.

أيها الإخوة الكرام:

هذا شيء من فضائل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفوائدها، والباب

في هذا واسع، فما استطعتم الإكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم

وأجعلوا أقل ذلك ألفاً في كل يوم فإن خيرها عميم وبرها كبير وثوابها جزيل.

والحمد لله رب العالمين

 

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 2803
تحميل ملفات
فيديو مصور