الخميس 16 شوال 1445 - 25 أبريل 2024 , آخر تحديث : 2024-04-14 09:52:35 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

منابر دمشق

تاريخ النشر 2016-08-14 الساعة 09:00:00
تربية أبناء التاسعة عشرة والعشرين والحادية والعشرين - 1 -
الدكتور الشيخ محمد خير الشعال

 

 

قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم: 6]

قال سيدنا عليّ رضي الله عنه: قوا أهليكم نَارًا علّموهم وأدّبوهم.

أخرج الترمذي بإسناد مرسل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ».

بإسناد مرسل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ).

أيها الإخوة:

الحياة الزوجية محراب من محاريب العبادة، وتربية الأبناء باب من أبواب القرب

إلى الله تعالى، ولهذا جاءت سلسلة– تربية الأبناء- لعلنا نفيد منها جميعا في زيادة قربنا إلى الله ببرنا بأبنائنا ورعايتنا لهم.

عنوان خطبة اليوم: تربية أبناء التاسعة عشرة والعشرين والحادية والعشرين (1)

وتتحدث خطبة اليوم عن أهم احتياجات المرحلة

وقبل الحديث عن أهم احتياجات المرحلة أقول: ترى هل بقي ابن التاسعة عشرة

 والعشرين وما بعدها محتاجاً للتربية، ألم يصر رجلا كاملاً ألم تصر امرأة كاملة، فهل مازال ومازالت محتاجَيْن للتربية ؟!

الجواب: مادام الإنسان موجوداً على الأرض فهو محتاج للازدياد من الخلق

الرفيع، مادام المرء حياً فهو محتاج إلى الازدياد من العلم ومن الأدب ومن

 التربية، ومن قال إني عالم فقد جَهِل ومن ظن أن تربيته تمت فقد نَقَصَت، ورحم الله الإمام الشافعي عندما قال:

كلما أدبني الدهر أراني نقص عقلي

 

وإذا ما ازددت علماً زادني علماً بجهلي.

 

 

     ومن هنا، اعلموا – أيها الشباب وأيتها الفتيات- مادام فيكم قلب يخفِق ونَفَسٌ

 يتردد فلا تتوقفوا عن التحصيل العلمي، ولا تتوقفوا عن الترقي في الخُلُق، ولا

  تتوقفوا عن الازدياد من التربية والأدب، ومَنِ اسْتَوَى يَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونٌ , وَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِي زِيَادَةٍ فَهُوَ فِي نقصان.

أهم احتياجات ابن التاسعة عشرة والعشرين والحادية والعشرين: الزواج.

أيها الإخوة:

اسمحوا لي أن أخالف ما اعتدنا عليه من تأخير سن زواج أبنائنا، وربما فعل ذلك بعضنا مع بناتنا فأخَّر سن زواج ابنته، وقد جاءه الخاطبون الأكفاء.

وإني لأعلم أن عدداً كبيراً من شبابنا لا يجد مؤنة نفسه فكيف له أن يجد مؤنة

زواجه، وأعلم أن عدداً من فتياتنا تنتظر الزوج المناسب ولكنه لا يأتي، ولكنني أعلم أيضا أن عدداً منا يجد ما يُزوِّج به ابنه أو ابنته، أو أنه يأتيه الأكفاء لابنته، ولكنه لا يساعد هما في الزواج.

وصحيح أن الزواج ليس مسألة مال وحسب ولكنه قدرة على تحمل المسؤولية،

مسؤولية الأسرة الجديدة، ولكن لا تنسوا أن هذه الخطب في تربية الأبناء

مترابطة الأجزاء، وكنا قد أفدنا أن أفضل السنوات لتدريب الابن والبنت على تحمل المسؤولية هو: سن العاشرة والحادية عشرة والثانية عشرة، وجدير بمن

رباه أهله على تحمل المسؤولية من تلك السن جدير به أن نزوجه في التاسعة عشرة والعشرين والحادية والعشرين.

وصحيح أن الإسلام يشدِّد على العلاقات غير المشروعة بين الجنسين لكنه ييِّسر الزواج ويحث عليه ليلبي حاجات الفطرة بما يحقق خير الفرد والمجتمع.

وإني لأعلم أن عدداً منكم لن يستطيع تحقيق مادة هذه الخطبة لكني أضعها بين أيديكم لتكون واحداً من معايير محاكماتكم الدينية والعقلية والاجتماعية عندما تقررون أو لا تقررون تزويج أبنائكم وبناتكم وهم في سن التاسعة عشرة والعشرين والحادية والعشرين.

وأضعها بين يدي شبابنا وبناتنا ليجدُّوا السير في تأمين متطلبات الزواج ليلحقوا بركب المتزوجين.

أجري بحث رسمي في سورية صدرت نتائجه عام 2010 عنوانه (مشروع دعم

الاستراتيجية الوطنية للشباب).

شمل البحث عيِّنة بلغت ستة آلاف شاب وشابة، من المحافظات السورية كافة، أعمارهم ما بين الخامسة عشرة والرابعة والعشرين سنة. تناول البحث دراسات صحية وعلمية وعملية واجتماعية متعلقة بالشباب.

 وفي مسألة الزواج، سئل الشباب والشابات عن أفضل سن لزواج الفتاة وأفضل سن لزواج الشاب، ثم سئلوا عن نيتهم بالزواج وعن العوائق التي يجدونها في سبيل تحقيق ذلك، فجاءت النتائج كالآتي:

- أكد ثلث المبحوثين على أن أفضل سن لزواج الفتاة يتراوح ما بين (15-19) سنة، بينما فضل نصفهم زواجها عند (20-24) سنة.                                  

- بَيَّنَ (37.8%) من الشباب المبحوثين أنهم يفكرون بالزواج، لكنهم يواجهون صعوبات، أهمها:

1) عدم وجود مسكن.

2) ارتفاع تكاليف الزواج.

3) عدم وجود فرص عمل وبالتالي عدم وجود دخل.            

وأعتقد أن هذه الثلاثة -تأمين المسكن وفرص العمل وارتفاع تكاليف الزواج- تقع مسؤولية تذليلها على المجتمع والدولة، على أن يكون الشاب كفؤاً وجديرا بتحمل المسؤولية، وتكون الفتاة مثله.

جاء في كتاب علم النفس الأسري للدكتور أحمد محمد مبارك الكندري المدرس في كلية التربية الأساسية في الكويت، تحت عنوان: تحديد سن الزواج.

(منذ القدم والعرب يفضلون الزواج المبكر حتى يولد الأبناء في شباب أبويهم،

 وقد أكدت كثير من الدراسات الحديثة على أن نظام التعليم قد أدى إلى ارتفاع

سن الزواج في كثير من الدول، ويختلف سن الزواج من مجتمع لآخر ومن فترة لأخرى في نفس المجتمع بل من طبقة اجتماعية لأخرى.

ولئن كان الزواج المبكر أحفظ لأخلاق الشباب وتكوين الأسرة، فهناك سلبيات وإيجابيات للزواج المبكر يمكننا تلخيصها فيما يأتي:

1-  من السلبيات عدم النضج الشخصي العقلي والانفعالي والاجتماعي في بعض الأحيان.

2-  من السلبيات عدم قدرة الزوجين على تحمل المسؤولية ومواجهة المشكلات في بعض الأحيان.

3-  من السلبيات عدم مجاراة الزوجين الأعراف الاجتماعية، وقد يعوق الزواج استمرار تعلم الزوجة.

4-  من الإيجابيات عدم وجود فروق كبيرة بالعمر بين الآباء والأبناء الامر الذي يقلل من الصراع القيمي والفكري بين الجيلين.

5-  من الإيجابيات الابتعاد عن الانحراف نظرا لإشباع الحاجات الجنسية في سن مبكرة.

6-  من الإيجابيات الاتساق بين الزوجين في بعض الميول والحاجات مما يزيد من التوافق بينهما.)

أيها الإخوة:

تعلمون أن الإسلام يدعو إلى الزواج ويحث عليه وعلى دعمه ودعم المقبلين عليه، ويرتب أجوراً للمتزوجين ليست لغيرهم، منها أجر الإنفاق على الزوجة والأولاد ففي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أنفق المسلم نفقةً على أهله وهو يحتَسِبُها كانت له صدقة» [الترمذي]، ومنها أجرُ تطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلم: «ومن رَغِبَ عن سُنَّتي فليس مِنِّي» [البخاري ومسلم ].

ومن هنا كتب الشيخ محمد الغزالي المعاصر: (إن الزواج وتكوين الأسرة دين والحفاظ عليها إيمان ومكافحة الاوبئة التي تهددها جهاد ورعاية ثمراتها من بنين وبنات جزء من شعائر الله).

لقد بيَّنَت دراسةٌ أجراها أحد المراكز البحثية في "باريس" عزوفَ الناس عن الزواج الشرعي في الدول الأوربية قاطبةً، الأمر الذي أدَّى إلى تفشِّي الرذيلة، وزيادة حالات الانتحار، وزيادة الأمراض النفسية والشذوذ، وقلَّة المواليد، حتى صُنِّفَت الدول الأوروبية في جداول الدُّول الهرِمَة.

تقول مدرِّسة تاريخ الأسرة في إحدى الجامعات الأمريكية: (يجب علينا أن نُشجِّع الشباب ونضغط عليهم حتى يتزوَّجوا، ويشكِّلوا أسَراً).

فيا معشر الشباب، يا أبناء التاسعة عشرة والعشرين والحادية والعشرين، لقد قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما يرويه الشيخان: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوجْ، فإنه أَغَضُّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وِجَاء» .

ونحن جميعاً -علماء وأغنياء ووجهاء ومربين وآباء وأمهات- مدعوون لدعمكم ومساعدتكم لتبلغوا الحلال لتحصنوا أنفسكم وتبنوا مجتمعاً طاهراً عفيفاً قوياً متماسكاً.

وإني أرى – بشكل عام-  أن كل من تهيَّأت له هذه الثلاثة من شبابنا فهو جدير أن يُزَوَّج ويتزوج:

1-  مكاناً للسكن ولو متواضعاً.

2-  دخلاً شهريا ولو بسيطاً.

3-  خضع للدورة التأهيلية للحياة الزوجية.

قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَمَسؤْولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فالإمامُ رَاعٍ، ومَسْؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، والرجلُ رَاعٍ في أهله، وهو مَسؤولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمرأَةُ في بَيْتِ زَوجِها رَاعيةٌ، وهي مَسؤولَةٌ عن رَعيَّتِها،...والرجلُ في مالِ أبيهِ راعٍ، ومَسْؤولٌ عن رعيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وكُلُّكُم مَسؤولٌ عن رعيَّتِهِ» البخاري ومسلم.

والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1592
تحميل ملفات
فيديو مصور