قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ

 وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم: 6]

قال سيدنا عليّ رضي الله عنه: قوا أهليكم نَارًا علّموهم وأدّبوهم.

أخرج الترمذي بإسناد مرسل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ».

أيها الإخوة:

الحياة الزوجية محراب من محاريب العبادة، وتربية الأبناء باب من أبواب

القرب

إلى الله تعالى، ولهذا جاءت سلسلة– تربية الأبناء- لعلنا نفيد منها جميعا في زيادة قربنا إلى الله ببرنا بأبنائنا ورعايتنا لهم.

عنوان خطبة اليوم: تربية أبناء السادسة عشرة والسابعة عشرة والثامنة عشرة (2)

تتحدث خطبة اليوم عن أهم مخاطر المرحلة.

أيها الإخوة:

لئن كانت أهم احتياجات ابن السادسة عشرة والسابعة عشرة والثامنة عشرة الحاجة إلى تكوين الصداقات؛ فإني وجدت أهم مخاطر المرحلة الصداقة بين الجنسين سواء كانت صداقة واقعية أو صداقة عبر أجهزة الاتصال ومواقع التواصل.

 تعلمون -أيها الإخوة- أن الصداقة بين الجنسين محرمة لأن الصداقة تحتاج إلى

مُخالطة ومُجالسة، وتحتاج إلى نظر ومُمازحة، وتحتاج إلى خلوة ومُصافحة،

 وتحتاج إلى مُحادثة ومُسامرة وبث شكوى؛ وهذه الستة أعني: النظر والممازحة والخلوة والمس وبث الشكوى والاختلاط محرمة في الشريعة بين الرجال والنساء  غير المحارم كما تعلمون.

   أما النظر ففي قوله تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور:30]

وأما بث الشكوى والممازحة ففي قوله تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب:32]

وأما الخلوة ففي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ» . [أحمد والترمذي]

واما اللمس والمصافحة ففي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَأَنْ

يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ»   [الطبراني]

وأما الاختلاط ففي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِيِّاكُم والدخولَ على النساء» . [البخاري ومسلم].

وبناء على حرمة هذه الستة تكون الصداقة بين الجنسين حراماً، هذا إذا لم تؤدِ

هذه الصداقة إلى ما لايُحمد عقباه من الشرور والآثام والوقوع في الفواحش. فكيف إذا أدّت؟!

أعلنت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية في أمريكا بأن نسبة 87.8% من مجموع طلاب المدارس الثانوية المختلطة في أمريكا مارسوا علاقات جنسية في حياتهم.

ولهذا اتجه القوم متأخرين إلى إيجاد طرق لمنع الاختلاط والصداقات بين الفتيان

والفتيات، ففي عام 1969 قالت الخبيرة التربوية  «كريس ما يكل » رائدة التعليم المنفصل: (لقد نجحت التجربة بصورة أفضل بكثير مما كنا نتوقعه مما

يغري المزيد من المؤسسات التعليمية الأمريكية بتبني هذا النمط من التعليم،

وهو ما حدث بالفعل؛ فلغة الأرقام تشير إلى أن (12) ولاية أمريكية تتبنى سياسة الفصل بين الطلاب والطالبات، والعدد مرشح للزيادة بعد أن اكتوى الأمريكيون بنيران التعليم المختلط).

 وفي عام 2011 أشار تقرير صادر عن وزارة التربية والتعليم الأميركية إلى أن عدد المدارس الحكومية غير المختلطة بلغ 223 مدرسة، بمعدل زيادة سنوية

قدرها 300٪، وبلغ عدد الولايات التي تقدم تعليماً غير مختلط 32 ولاية أميركية.

ونقلت جريدة الوطن الكويتية تصريح  السيد « بيكر» وزير التعليم البريطاني، أن بلاده بصدد إعادة النظر في التعليم المختلط بعد أن ثبت فشله، وقال أحد أعضاء

لجنة التعليم بالبرلمان الألماني (البوندستاج ) انه يجب العودة بالأخذ بنظام التعليم المنفصل ـ الجنس الواحد ـ .

أيها الآباء أيها الشباب أيتها الفتيات:

بين يدي كتابان مفيدان في التربية أحدهما (الوصايا القيمة لكل فتاة مؤمنة

للدكتور محمد خير فاطمة) والثاني (المراهق للدكتور عبد الكريم بكار) وأنا أتخير لكم منهما ما يُناسب المقام والمقال:

(على مدار التاريخ كان هناك من يستغل المرأة بسبب ضعفها أو حاجتها أو قلة

 خبرتها، واليوم تجاوز الأمر كل الحدود المتخيلة بسبب ما وفرته وسائل التقنية

الحديثة من وسائل للاتصال والتواصل بين الجنسين، ولما كانت عاطفة الحب

 تنضج عند الإناث قبل نُضجها عند الذكور ولما كان لدى الفتيات درجة عالية

من الصدق ولديهن ميل للتضحية، ولما كانت المرأة أكثر قدرة على الكلام من

الرجل وهي تحب من يستمع إليها ولما كان عدد من فتياتنا لديهن هشاشة روحية وفكرية؛ وجدنا عدداً منهن يقعن في شباك نصبها لهم بعض الشباب

الماجن، فيظهر أمام الفتاة ليصطادها بمظهر التقي الورع وذلك حتى يزول ما

لديها من مخاوف، أو يظهر بمظهر الشخص الانيق المرهف الحس الودود

ليوهمها أنه فتى أحلامها المتفهم لها من دون الناس قاطبة، أن أنه يستغل هفوة

لها فيحصل على صورتها أو على هاتفها أو بريدها ليهددها به ويوقعها في الخطأ.

هذا وإن بعض الشباب يقصدون إلى الإيقاع بالفتيات المتدينات والمحافظات لأن الواحد منهم يريد أن يثبت لمن حوله أنه قادر على إغواء أي فتاة، أو يقول كما قال أحدهم: الجميع تحت قدمي!.

وأستطيع أن أضع بين أيدي الآباء والفتيات خمس طرق للوقاية من التغرير بهن:

1-  في صداقة الفتيات لبعضهن غنية عن إقامة أية علاقة بين الشباب والفتيات

 ، والوقاية خير من العلاج.

2-  عندما يمتلئ القلب بمحبة الله و ورسوله وعندما يمتلئ العقل بالمثل

    العليا والقضايا الجليلة لن تسقط النفس في مهاوي الرذيلة، وعكسه بعكسه

3-  غمر الفتاة بعاطفة الحب من أمها وعاطفة الحنان من أبيها تغنيانها

  عن البحث عن هذه العواطف خارج المنزل، وإن جلوس الوالدين مع أبنائهم

  وبناتهم والاستماع لهم وممازحتهم ومضاحكتهم والتباسط معهم يروي

  حاجتهم إلى الكلام وإلى من يستمع إليهم.

4-  عامل أبناءك على أساس الثقة لا الشك، وتابع وراقب عن بعد وتدخل

  عندما تجد ضرورة للتدخل قبل تفاقم المشكلة.

5-  أقول لكل فتاة انتبهي يا ابنتي إلى الأمور الآتية:

أ‌- الحصول على رقم الهاتف كثيراً ما يكون بداية لمشكلات كثيرة فلا تعطي

  رقمك لأي كان مالم تكوني واثقة من الشخص الذي تعطيه إياه وواثقة أنه

   لن يعطيه لغيره.

ب‌- لا تقبلي شريحة جوال من أي صديقة لأن بعض الشباب يرسلونها

   مع قريباتهم ليصطادوا بها فتاة بريئة.

ت‌- احذري أن ترسلي صورتك الشخصية لأي احد حتى الصديقات لأنك

   لا تعرفين من يدخل إلى حواسيبهن من الأهل والأصدقاء.

ث‌- لا تضعي صورك في حاسوبك ولا في جوالك لأن الجوال قد يسرق

   وقد يضيع، وبعض المحترفين الهكر يخترقون أجهزة الحاسب .

ج‌-  إذا جاءتك رسالة من مجهول يطلب منك محادثة أو أي شيء فأحسن

   طريقة للخلاص منه عدم الرد والتجاهل التام، واحذري من الاعتذار والنقاش.

ح‌-  من أراد التعرف عليك ليطلبك زوجة له وكان صادقا فلابد أن يقرع باب

 أبيك أولاً، فالبيوت لها أبواب تؤتى منها والطاهر يأتي من الباب واللص

 يتسور الجدران.

خ‌-  على  الشابكة أكثر من مليون متجول يبحثون عن المغفلات فلا

   تكوني واحدة منهن).

إن المدينة – يا ابنتي- تبقى محصنةً أمينة

مادامت الأسوار تمنعها بأعمدةٍ متينة

فإذا هوت جدرانها نفِذ العدو إلى المدينة

أيها الآباء أيها الابناء:

السَّعَادَةُ كُلُّهَا فِي اتِّبَاعِ الشَّرِيعَةِ، وَنَبْذِ الْهَوَى فِيمَا يُخَالِفُهَا؛ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى:

{فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} [طه: 123]، أَيْ فَلَا يَضِلُّ فِي الدُّنْيَا عَنْ الصَّوَابِ وَلَا يَشْقَى فِي الْآخِرَةِ بِالْعَذَابِ.

قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَمَسؤْولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فالإمامُ رَاعٍ، ومَسْؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، والرجلُ رَاعٍ في أهله، وهو مَسؤولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمرأَةُ في بَيْتِ زَوجِها رَاعيةٌ، وهي مَسؤولَةٌ عن رَعيَّتِها،...والرجلُ في مالِ أبيهِ راعٍ، ومَسْؤولٌ عن رعيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وكُلُّكُم مَسؤولٌ عن رعيَّتِهِ» البخاري ومسلم           والحمد لله رب العالمين