الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

منابر دمشق

تاريخ النشر 2016-04-24 الساعة 11:42:50
تربية أبناء العاشرة والحادية والثانية عشرة -2 -
الدكتور الشيخ محمد خير الشعال

 

تربية أبناء العاشرة والحادية والثانية عشرة 2

الحمد لله، الحمد لله ثمَّ الحمد لله، الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونسترشده، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فهو المهتَدِ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مُرْشِداً، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ سيِّدنا محمَّداً عبده ورسوله، وصفيُّه وخليله، خيرُ نبيٍّ اجتباه، وهدىً ورحمةً للعالمين أرسله، أرسله بالهدى ودين الحق ليُظهره على الدِّين كلِّه ولو كَرِه الكافرون، ولو كَرِهَ المشركون، ولو كَرِهَ مَن كَرِه، اللَّهم صلِّ على سيِّدنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وسلِّم.

قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم : 6]

قال سيدنا عليّ رضي الله عنه: قوا أهليكم نَارًا علّموهم وأدّبوهم.

قال قتادة: مروهم بطاعة الله تعالى، وانهوهم عن معصية الله.

قال الزمخشري: قُوا أَنْفُسَكُمْ بترك المعاصي وفعل الطاعات وَأَهْلِيكُمْ بأن تأخذوهم بما تأخذون به أنفسكم. «رحم الله رجلا قال يا أهلاه صلاتكم صيامكم زكاتكم مسكينكم يتيمكم جيرانكم لعلّ الله يجمعهم معه في الجنة»

أخرج الترمذي بإسناد مرسل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ».

أيها الإخوة:

    الحياة الزوجية محراب من محاريب العبادة، وتربية الأبناء باب من أبواب القرب إلى الله تعالى، ولهذا جاءت هذه السلسلة من الخطب عنوانها – تربية الأبناء- لعلنا نفيد منها جميعا في زيادة قربنا إلى الله ببرنا بأبنائنا ورعايتنا لهم.

عنوان خطبة اليوم: تربية أبناء العاشرة والحادية والثانية عشرة (2)

وأحدثكم اليوم عن أهم مخاطر المرحلة .

سبق أن تحدثنا عن أهم احتياجات طفل هذه المرحلة وهي :  حاجته للثقة والتقدير والمكانة داخل الأسرة؛ ومن هنا أستطيع القول: إن أهم مخاطر هذه المرحلة عدم تحميله المسؤولية ، الأمر الذي يدعه غير واثق بنفسه ومتواكلاً يعتمد في كل شيء على الآخرين.

واسمحوا لي قبل أن أبدأ المادة العلمية للخطبة أن أجري لكم اختبارين ، يتألف كل منهما من عشرة أسئلة ليجيب كل واحد منكم على كل سؤال بنعم أو لا، وبعد كل اختبار سأقدم لكم نتيجة التقييم للاختبار.

الاختبار الأول مستهدف به كل له ابن في العاشرة والحادية والثانية عشرة. والاختبار الثاني مستهدف به كل من له بنت في هذه السن.

  الاختبار الأول: مستهدف به كل من له ابن في العاشرة والحادية والثانية عشرة.

أجب عن الأسئلة الآتية بنعم أو لا:

1-  هل يستطيع ابنك ارتداء ملابسه بمفرده؟

2-  هل يمتلك ابنك ساعة منبهة لتوقظه في الصباح؟

3-  هل يختار ابنك لون بنطاله أو قميصه؟

4-  هل يشتري ابنك بعض الخضروات أو الفواكه؟

5-  هل تعطي ابنك مصروفه بشكل أسبوعي أو شهري؟

6-  هل تضم ابنك إلى صدرك وتخبره أنك تحبه، أو تعلن عن حبك له أمام الناس؟

7-  هل يكتب ابنك واجباته المدرسية بمفرده على الغالب؟

8-  هل يحافظ ابنك على الصلاة على الغالب من دون أن تذكِّره بها؟

9-  هل قدّم ابنك لأمه هدية في يوم من الأيام من ماله الخاص؟

10- هل سبق لابنك أن حاول تصليح قطعة أثاث أو جهاز الكتروني في المنزل؟

نتيجة الاختبار :

-   إن كانت إجاباتك (نعم) في ثمانية من عشرة فأكثر؛ فأنت تدرب ابنك بشكل جيد على تحمل المسؤولية

-  إن كانت الإجابات (نعم) في خمسة إلى سبعة من عشرة؛ فتدريبك له متوسط وأنت محتاج إلى هذه الخطبة لتزيد من تدريبك له على تحمل المسؤولية.

-  إن كانت الإجابات (نعم) دون الخمسة؛ فنخشى إذا استمريت على هذا الاسلوب أن ينشأ ابنك اتكالياً معتمداً على الآخرين ولا يتحمل المسؤولية، فنرجوك التنبه جيداً إلى مادة الخطبة.

  الاختبار الثاني: مستهدف به من كل له بنت في العاشرة والحادية والثانية عشرة.

أجب عن الأسئلة الآتية بنعم أو لا:

1-  هل تبحثين عن حذاء ابنتك لتقدميه لها لترتديه قبل خروجها من المنزل؟

2-  هل ترتبين سرير ابنتك؟

3-  هل ترفعين ملابس ابنتك من على الأرض وتعلقينها، بشكل دائم؟

4-  هل تخافين على ابنتك من استخدام المكواة لكيِّ بعض ملابسها أو ملابس إخوتها؟

5-  هل تغسلين وجه ابنتك بالماء في الصباح وتذكرينها بتنظيف أسنانها؟

6-  هل تنزعجين من استخدام ابنتك مفك البراغي لتبيث لوحة حائطية على الجدار؟

7-  هل تختارين بمفردك ألوان ثياب ابنتك وأشكالها غالباً ؟

8-  هل تمانعين أن ترتدي ابنتك حجاباً في هذه السن؟

9-  هل تخافين على دراسة ابنتك فتمنعينها من مساعدتك في صنع عشاء؟

10- هل تعطين ابنتك المال كلما طلبت ذلك؟

نتيجة الاختبار :  

-  إن كانت إجاباتك (لا) في ثمانية من عشرة فأكثر؛ فأنت تدربين ابنتك بشكل جيد على تحمل المسؤولية

-  إن كانت الإجابات (لا) في خمسة إلى سبعة من عشرة؛ فتدريبك لها متوسط وأنت محتاجة إلى هذه الخطبة لتزيدي من تدريبك لها على تحمل المسؤولية.

-  إن كانت الإجابات (لا) دون الخمسة؛ فنخشى إذا استمريت على هذا الاسلوب ان تنشأ ابنتك اتكاليةً معتمدة على الآخرين ولا تتحمل المسؤولية ولا تثق بنفسها، فنرجوك التنبه جيدا إلى مادة الخطبة.

أيها الإخوة:

 الأشخاص المسؤولون هم أشخاص ناضجون يسيطرون على أنفسهم وسلوكياتهم ويتحملون مسؤولية أفعالهم ويتقبلون المحاسبة عليها, ولديهم تقدير جيد للذات, ويقيمون علاقات اجتماعية ناجحة.

 وتحمل المسؤولية هو من الأمور التي يكتسبها المرء قبل البلوغ؛ أي في هذه المرحلة العمرية العاشرة والحادية والثانية عشرة، والمرحلة العمرية التي تسبقها. كما أن تحمل المسؤولية شيء يزيد وينقص وينمو ويتعدل وقد يتلاشى مع الأيام.

يقول الخبير التربوي الأستاذ عدنان السبيعي رحمه الله في كتابه القيم : (الصحة النفسية للمراهقين والشباب): ( ومن العبث أو إضاعة الوقت أن نرجو أو نتوقع تكوين المسؤولية الناجحة أو التي تهدف إلى خدمة الآخرين عند أناس لم يُبذَل لهم الحب، ولم يُمنحوا الاعتبار والتقدير الضروريين لبناء شخصياتهم السليمة.

وإن الأطفال الذين يسمح لهم ذووهم بأن يتحملوا المسؤولية والاستقلال في وقت مناسب تنمو عندهم الثقة بقدراتهم وبأنفسهم في مجابهة مواقف الحياة الصعبة.

وهناك قاعدة بسيطة يمكننا أن تنبهنا ونتخذها مبدءاً لنا في الإجابة على سؤال متى نبدأ بتحميل أبناءنا المسؤولية، ومنطوق هذه القاعدة يقول: عندما يبدي الابن رغبة في القيام بعمل من الأعمال مهما كانت سنه، فإن هذا الوقت هو الوقت المناسب له كي يتعلم تحمل المسؤولية في ذلك العمل)

أيتها الأمهات الفاضلات ، أيها الآباء الكرام:

للوقاية من حدوث التواكل لدى أبنائكم لابد أن يكون هناك توازن بين الأم المُتسمة بالحماية الزائدة والتي تُنْشِئُ ابناً متعلقاً وغير آمن ، والأم المُتسمة بالنبذ والتي تنشئ ابنا قلقاً ، وكلتا الوالدتين لا تعينان الابن على تحمل المسؤولية.

للوقاية من حدوث التواكل لدى أبنائكم لابد أن يكون هناك توازن بين التدليل الزائد و التقييد الزائد، وكلا التصرفين لا يعينان الابن على تحمل المسؤولية.

للوقاية من حدوث التواكل لدى أبنائكم لابد أن يكون هناك توازن بين العطف والحزم ، ليخرج الابن من بين هذين متدرباً على تحمل المسؤولية.

ولكي تدرب ابنك على تحمل المسؤولية تجد نفعاً كبيراً في الخطوات الخمس الآتية:

1-  قل لابنك ماذا يفعل

2-  ثم أره كيف يفعل هذا العمل

3-  ثم دعه يحاول القيام به

4-  ثم راقب سير العمل وشجع الجهد والخطوات المناسبة

5-  لا تلمه إن أخطأ في محاولته، ولكن تابع عملية الدعم والتشجيع.

وأحب أن أختم الخطبة بالحديث عن كيف تطير الهيثم.

 تبني النسور أعشاشها على قمم الجبال الشاهقة، وتضع داخل العش مجموعة من الحصى والقطع الزجاجية، وحينما يولد الهيثم – والهيثم ابن النسر- يوفِّر له والداه الغذاء والمأوى والرعاية والحماية ، وحينما يكبر الصغير تبدأ الأم بالتدريج في زيادة قسوة الحياة في العش بجلب المزيد من الحصى والقطع الزجاجية إليه، الأمر الذي يدفع الصغير لتسلق جوانب العش، وأخيرا تزيد الأم من قسوة الحياة في العش إلى أبعد حد فلا تترك لصغيرها سوى الصخور والحصى والزجاج ، وعندما يبلغ الصغير قمة العش تدفعه الأم ليهوي بسرعة شديدة إلى أسفل، ويبدو الأمر كما لو كان سيلقى حتفه على الصخور، ولكن الأم تراقبه من بعيد وفي اللحظة الأخيرة تندفع إلى أسفل وتتلقى صغيرها على ظهرها ، ثم تكرر الأم هذه العملية إلى أن يتعلم الصغير الطيران بنفسه ويصبح قادراً على تحمل مسؤولية نفسه.

إنها التربية على تحمل المسؤولية، وإن أخطر ما يواجه أبناء العاشرة والحادية والثانية عشرة عدم تحميلهم المسؤولية ، الأمر الذي يدعهم غير واثقين بأنفسهم ويتركهم عالةً على الآخرين. فإذا أردتم  أن يحلق أبناؤكم عالياً كالهياثم والنسور ، فعززوا ثقتهم بأنفسهم بتحميلهم المسؤوليات وتدريبهم على النجاح فيها. خصوصاً وأنهم اقتربوا من سن التكليف الشرعي وعما قريب سيكونون بالغين يأتمرون بأمر الله وينتهون بنهيه ويتحملون تكاليف الشريعة الغراء.

أيها الإخوة:

هذا حديث عن أهم احتياجات أبناء العاشرة والحادية والثانية عشرة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَمَسؤْولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فالإمامُ رَاعٍ، ومَسْؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، والرجلُ رَاعٍ في أهله، وهو مَسؤولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمرأَةُ في بَيْتِ زَوجِها رَاعيةٌ، وهي مَسؤولَةٌ عن رَعيَّتِها،...والرجلُ في مالِ أبيهِ راعٍ، ومَسْؤولٌ عن رعيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وكُلُّكُم مَسؤولٌ عن رعيَّتِهِ» البخاري ومسلم.

والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1429
تحميل ملفات
فيديو مصور

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

أدخل الرمز : *