الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

منابر دمشق

تاريخ النشر 2016-04-18 الساعة 09:52:10
تربيـة أبنـاء العاشرة والحادية والثانية عشرة
الدكتور الشيخ محمد خير الشعال
 

الحمد لله، الحمد لله ثمَّ الحمد لله، الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونسترشده، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فهو المهتَدِ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مُرْشِداً، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ سيِّدنا محمَّداً عبده ورسوله، وصفيُّه وخليله، خيرُ نبيٍّ اجتباه، وهدىً ورحمةً للعالمين أرسله، أرسله بالهدى ودين الحق ليُظهره على الدِّين كلِّه ولو كَرِه الكافرون، ولو كَرِهَ المشركون، ولو كَرِهَ مَن كَرِه، اللَّهم صلِّ على سيِّدنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وسلِّم.

قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم : 6]

قال سيدنا عليّ رضي الله عنه: قوا أهليكم نَارًا علّموهم وأدّبوهم.

قال قتادة: مروهم بطاعة الله تعالى، وانهوهم عن معصية الله.

قال الزمخشري: قُوا أَنْفُسَكُمْ بترك المعاصي وفعل الطاعات وَأَهْلِيكُمْ بأن تأخذوهم بما تأخذون به أنفسكم. «رحم الله رجلا قال يا أهلاه صلاتكم صيامكم زكاتكم مسكينكم يتيمكم جيرانكم لعلّ الله يجمعهم معه في الجنة»

أخرج الترمذي بإسناد مرسل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ».

أيها الإخوة:

    الحياة الزوجية محراب من محاريب العبادة، وتربية الأبناء باب من أبواب القرب إلى الله تعالى، ولهذا جاءت هذه السلسلة من الخطب عنوانها – تربية الأبناء- لعلنا نفيد منها جميعا في زيادة قربنا إلى الله ببرنا بأبنائنا ورعايتنا لهم.

عنوان خطبة اليوم: تربية أبناء العاشرة والحادية والثانية عشرة (1)

   وأحدثكم اليوم عن أهم احتياجات المرحلة .

   يقول الدكتور هاني العبد القادر المتخصص في التربية أبناء العاشرة و

 الحادية والثانية عشرة :

(ابن هذه المرحلة يهيئ ذاته وأسرته لإشباع حاجة عميقة عنده هي: الحاجة

 للثقة ،والتقدير ،والمكانة داخل الأسرة؛ والحاجة للاعتراف بقيمة كل جنس

 بما يلائمه.

فالولد يحتاج لتقدير سمات الرجولة في أعماقه -وإن لم تكن ظهرت بعد في

 شكله -كقدراته البدنية وتحمله المسؤولية ،وحمايته للأسرة ورعايته لها، و

 قيمة رأيه وقراره .

 ورغم أهمية ثنائكم على هذه السمات إلا أن ما يُشعره بالقبول الحقيقي هو ثقتكم

 به وا عتمادكم عليه.

 والبنت تحتاج وبشكل كبير جداً إلى تقدير سمات الأنوثة الناشئة عندها ،

 كجمالها الأخّاذ ،وأناقتها الفريدة ،وذوقها الرفيع ،ورقة إحساسها ،وحنانها

 على الجميع.

 ومع حاجتها الماسة جداً لثنائكم على كل هذا، فإنه يُشعرها بقبولها الحقيقي

 أن تشعروها بحبكم لها وبشكل دائم وغير منقطع ، فثناؤكم الدائم وحبكم

 غير المشروط سيحميها من البحث عن إرواء هذه الحاجة خارج المنزل

 مدة مراهقتها.

يسعى ابن هذه المرحلة العمرية لنيل مكانته في أسرته والحصول على

 ثقتهم وتقديرهم بالأساليب السلمية، بالسلوك الذي يجتهد أن يكون جيداً وكما يريده الوالدان، وسيحرص على طاعتهما ورضاهما ونيل إعجابهما؛ أملاً في المكانة

 الجيدة المترتبة على هذه الطاعات والرضا والإعجاب، ولذلك يمكننا اعتبار

 هذه المرحلة مرحلة الطاعة والاستجابة والقرب من الوالدين.

ابن هذه المرحلة يهتم كثيراً بكلمتكم وتؤثر فيه أكثر مما تتوقعون ، فكلمتكم

 عنده قانون من القوانين في كل شيء حتى في نظرته لنفسه .

وإذا لم ينتبه الوالدان إلى إشباع حاجات ابن هذه المرحلة من الثقة بالنفس ،و

 التقدير ،والمكانة في الأسرة بالطرق المسالمة فإنه سيتنقل إلى الانفجار و

 الصدام والتمرد، رغم حبه الشديد والصادق واحترامه العميق والحقيق لهما

 ، ولعله وقد اقترب من مرحلة البلوغ يذهب خارج البيت ليروي هذه الحاجات و

 لو كلّفه ذلك الوقوع في السرقة ،والمخدرات ،والخطأ . طالباً الاعتراف

 بشجاعته وبمهارته وبمكانته في الشلة بعدما يئس منها في الأسرة .

وعلى المدى القريب – إن لم ترووا له حاجته للثقة والتقدير والمكانة

 داخل الأسرة-  فسيضعف شعوره بالتوازن والأمن والطمأنينة، وسيصبح

 عصبياً أكثر وقلقاً أكثر، وستظهر عليه مظاهر من أحلام اليقظة والغيرة

 من إخوته ،وقد يصبح نمّاماً ينم على إخوته وربما غيرهم ، وربما صار

 يلفت النظر إلى حسناته من خلال الإشارة إلى أخطاء الآخرين).

أيها الإخوة:

إذا كان ابن العاشرة والحادية والثانية عشرة محتاجاً جداً للثقة والتقدير و

 المكانة داخل الأسرة، فكيف نروي له هذه الحاجة؟

إليكم عشر خطوات تزرع الثقة في نفوس أبنائنا وتشعرهم بتقديرنا لهم:

1- اشكر ابنك عندما يحسن وامدحه أمام الآخرين؛ امدح فيه صفاته

 الإيجابية ،وأفعاله الحسنة وأخلاقه الجيدة. يقول علماء النفس: (إن السلوك

 الذي ينتبه إليه يتكرر والذي لا ينتبه إليه يزول).

ومن هنا من أثنى على صدق ولده زاد الصدق عند ابنه، ومن شكر مساعدة

 ابنته لأمها زادت البنت في مساعدة أمها، وعكسه بعكسه.

ومن هنا_ والله أعلم – كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني على أمانة

 أبي عبيدة بن الجراح  وعلى حزم عمر وعلى رحمة أبي بكر وعلى حياء عثمان . أخرج الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 «أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ

 بْنُ عَفَّانَ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالحَلاَلِ وَالحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَ

 أَقْرَؤُهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ

 في رواية ابن ماجه- وأقضاهم عليّ».

2-  علّم ابنك مهارات متنوعة ؛ علّمه السباحة ،أو شيئا من فنون طهي الطعام ،

 أو لعبة كرة القدم، أو الرسم ،أو القراءة ،أو حفظ القرآن ،أو طريقة إصلاح بعض قطع الأثاث في المنزل ،أو شراء الخضروات والفاكهة ونحوها للمنزل وساعده

 على ذلك . فالمهارات المتنوعة تورثه ثقة بنفسه وتشعره بمكانته بينكم و

 بين أقرانه.

3-  اسأله عن رأيه، وقل له ( لو سمحت)، واستمع لحديثه باهتمام، واعتذر

 إليه عندما تخطئ خطأ بيّنا.

4-  اجعل ركناً في المنزل لأعماله الناجحة كشهادة تَحصَّل عليها ،أو لوحةٍ

 رسمها ،أو لعبةٍ صوفية غزلها ، واكتب اسمه على إنجازاته.

5-  أوفِ بوعدك له، واحترم خصوصياته، فلا تفتح درجه حتى تستأذنه و

 لا تستخدم أقلامه حتى تسأله، روى البخاري بسنده عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ أَصْغَرُ القَوْمِ، وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ: «يَا غُلاَمُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأَشْيَاخَ»، قَالَ:

 مَا كُنْتُ لِأُوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ.

6-  اجعله ضيف الشرف في إحدى المناسبات ، وعلمه مهارات إبداء

 الرأي والتقديم وكيف يتكلم ويعرض ما عنده للناس. وربما طلبت إليه إلقاء

 كلمة أو قصيدة أو خطبة أمام أرحامه أو أصدقائك وأصدقائه.

7-  أعطه مالاً يكفي ليتصرف به عند الحاجة. وعلّمه كيف يستثمر ماله. و

 علّمه كيف يمنح ويعطي الآخرين.

8-  علّمه الاختلاف بين الذكر والأنثى من وحي آيات القرآن الكريم.

9-  علّمه كيف يتحمل مسؤولية تصرفاته، وكيف يعتذر عن خطئه ، واقبل

 منه معذرته، وعلّمه كيف يصحح الخطأ.

10- أخبره أنك تحبه وضُمَّه إلى صدرك, وأعطه الحب من دون مقابل فهذا

 يزر ع فيه الثقة بنفسه.

أيها الإخوة: 

كتب الدكتور مأمون المبيض في كتابه المفيد في تربية الأبناء ( أولادنا

 من الطفولة إلى الشباب) ، كتب كلمات وعبارات يستخدمها بعض

 المربين تُضْعف عند الأبناء ثقتهم بأنفسهم وتثبط هممهم وتفقدهم الشعور

 بمكانتهم داخل الاسرة:

(لماذا لا تكون مثل فلان، يا لك من مخادع، انظر إلى غرفتك الوسخة، لا

 تفعل، إنك بنت مشاغبة، أخوك أحسن منك، عملك مخجل حقاً، انظر إلى

 فلان كيف يتقن هذا الامر أحسن منك، ينقصك عن العشرة درجتان في

 مادة الإملاء، أنا لا أحبك...)

هذه العبارات _أيها الإخوة_ ترسل رسائل سلبية للأبناء، فتحطم انتماءهم

 لأسرهم ،وتقوض جهود التربية فيهم ،وتزلزل ثقتهم بأنفسهم. والصواب أن

 نعطي الابن عامةً، والابن في هذه المرحلة خاصة؛ رسائل ايجابية تخبره أننا

 نثق به ونحبه ،ونحترم أعماله الخيرة ونقدر تحمله للمسؤولية.

 

 

 

أيها الإخوة:

هذا حديث عن أهم احتياجات أبناء العاشرة والحادية والثانية عشرة، قال رسول

 الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَمَسؤْولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فالإمامُ

 رَاعٍ، ومَسْؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، والرجلُ رَاعٍ في أهله، وهو مَسؤولٌ عن

 رَعِيَّتِهِ، والمرأَةُ في بَيْتِ زَوجِها رَاعيةٌ، وهي مَسؤولَةٌ عن رَعيَّتِها،...والرجلُ

 في مالِ أبيهِ راعٍ، ومَسْؤولٌ عن رعيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وكُلُّكُم مَسؤولٌ عن

  رعيَّتِهِ» البخاري ومسلم.

وا الحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1364
تحميل ملفات
فيديو مصور