الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

خطب الجامع الأموي

تاريخ النشر 2017-12-28 الساعة 13:04:01
مولد سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام
الشيخ مأمون رحمة

بتاريخ: 4 من ربيع الآخر 1439 هـ - 22 من كانون الأول 2017 م

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك على نور الهدى محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الصحابة ومن اهتدى بهديهم واستن بسنتهم إلى يوم الدين.

عباد الله، أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله عز وجل، واعلموا أنكم مُلاقوه وبشر المؤمنين.

يقول المولى جل جلاله في محكم التنزيل: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ [البقرة: 285].

روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الأنبياء إخوة مِن علات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد)).

معاشر السادة: يَحتفي العالم الإسلامي والمسيحي في هذه الأيام المباركة بمولد عيسى رسول المحبة والهداية والسلام، في كل عام يتجدد ربيع هذه الذكرى في مجتمعاتنا، وتهب نَسائمها نَدية عَطرة تحمل مَعها بَلسماً للجراح التي أصابَت المنكوبين والمستضعفين.

إننا نَتعلم مِن مَولد عيسى عليه السلام الصَّبر على تحمل الآلام والشدائد والوقوف بجلد في وجه هؤلاء الأعداء الحاقدين الماكرين.

إنَّ هَؤلاء الرُّسل تَلقفتهم العِناية مِن نَشأتهم الأولى لِتَقِيهم أوضار الطَّبيعة البشرية، وتَرقى بِهم صُعداً في مَدارج الكمال، وتُرشح قلوبهم الكبيرة لاستقبال ما يَفد به الملأ الأعلى عن حضرة القُدس، فإذا الحكمة تَفيض مِن ألسنتهم، والأسوة تقتبس من أعمالهم، والنزاهة المطلقة تُقترن بأحوالهم واتجاهاتهم، وحاجة العالم إلى الرُّسل مَاسة، فلو تُركت أزمة الفِكر الإنساني للاجتهاد المحض لَضَلَّ الناس رُشدهم، ولما اتفقوا على حقيقة واحدة تُصلح حالهم ومآلهم.

ونحن ننظر في تاريخ الأرض القريب والبعيد، فلا نجد مَثابة تَفزع إليها الشعوب وتلتمس في ظلالها الخير والبركة إلا تعاليم الأنبياء، ووظيفة عيسى عليه السلام تقوم على إِسداء العون والنُّصح للفرد والجماعة في كل ناحية، فهو يَسكب مِن طَهارة قلبه على أوضار القلوب فيغسلها، وهو يشعل من تألق عقله الأفكار الخابية فيضيئها، ثم يبعثها هي الأخرى لتضيء وتهدي.

إنَّ قِصة عيسى عليه السلام مَبثوثة في أكثر مِن موضع في القرآن الكريم، ولم يرد في موضع واحد منها ما يَمُسُّ عِيسى أو يُشينه، كما أنَّه لم يَرِد في أمه شيء مِن ذلك، بَل إنها عليها السلام قد اختُصت بسورة كريمة مِن سور القرآن هي سورة مريم، وتأمل في هذا الوحي الرَّفيع وهو يُسطر أزكى الآيات في حق عيسى وأمه عليهما السلام، حيث قال سبحانه: ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 42]، ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّـهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [آل عمران: 45-46].

فالمسلمون والمسيحيون تتفق عقيدتهم في مريم جميعاً بأنها صِدِّيقة، وبأنها عذراء طاهرة، صالحة تقية نقية، تَعَهَّدها الله برعاية خاصة، وفضلها تفضيلاً عظيماً على نساء العالمين، والمسلمون في مَشارق الأرض ومغاربها يُحبون عيسى بن مريم ويعظمونه، ويرفعون شأن أمه، ويرون أنهما مِن آيات الله جل وعلا، ويُؤمنون أنهما مِن آيات الله جل وعلا، مُستمدين إيمانهم مِن قوله جل جلاله: ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ﴾ [المؤمنون: 50].

عِندما تتلو الآيات التي تحدثت عن ولادة السيدة مَريم فإنك تشعر بآلامها وفزعها، وتسمع نداءها وهي تعاني آلام المخاض قائلة: ﴿يا لَيتَني مِتُّ قَبلَ هـذا وَكُنتُ نَسيًا مَنسِيًّا﴾ [مريم: 23]، مَاذا تقول العذراء إذا اتهمها النَّاس بالخنى واعتقدوا أن في بَطنها ثمرة جَريمة مُؤكدة، أَيُّ دَليل يُسعفها ويُحسن الظن بها ويُسقط التهمة عنها؟! نحن نُؤمن بطهارة مَريم البتول، وأن قرآننا أفهمنا أنَّ قَانون السَّببية تَوَقَّفَ هُنا كما توقف على نحوٍ مَا في ميلاد يحيى عليه السلام، وفي مَواطن كثيرة أخرى، وأن اليهود كذبوا عندما اتَّهموا مريم بالسِّفاح.

لقد أيد الله عيسى بن مريم بِكثير مِن المعجزات، حيث جاء على لِسانه كما ذكر القرآن الكريم: ﴿وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 49]، ومن المعجزات التي أيد الله بها عيسى عليه السلام مُعجزة المائدة التي نَزلت مِن السماء، حيث طلب تلامذةُ عِيسى وهم الحَوَاريون أن يُنزل عليهم مائدة مِن السماء، وإلى هذه المعجزة أشار القرآن بقوله سبحانه: ﴿إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّـهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * قَالُوا نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ * قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّـهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [المائدة: 112-114].

وهكذا جَرت سُنَّة الله في أنبيائه جميعاً أن يُؤيدهم بالمعجزات الواضحة، وأن يَسوق بين أيديهم مِن الخوارق مَا يَلفت الأنظار ويَستهوي الأفئدة، ثم ما يَبني مَعالم اليقين وعناصر الاستقرار ودواعي الطُّمأنينة في النفوس.

إنَّنا نَحن المسلمين نُؤمن بموسى وتوراته، وعيسى وإنجيله، وفي ذلك يقول الله جل جلاله: ﴿وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِين﴾ [المائدة: 46]، فلا يُوجد مُسلم في القارات الخمس يَكفر بتوراة موسى أو بإنجيل عيسى، وهكذا كان المسلمون على مَرِّ العصور والأزمان، يَحترمون عيسى ويُجلون رسالته، حتى أنَّ المستشرق الفرنسي "هنري ديكاستري" أشاد بمعاملة الدولة الإسلامية التي أنشأها النَّبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قال: ]إنَّ الدولة الإسلامية لما استقرت في الشَّرق لم تُعارض المسيحية أو تضع أمام بنيها عائقاً[، هكذا عاملت الدولة التي أسسها محمد صلى الله عليه وسلم المسيحيين، أما الدولة الإسلامية في الشَّام والعراق التي أسسها السَّاسة الغربيون الحاقدون، وعلى رأسهم "جورج بوش" و"هيلاري كلينتون" و"رايز" و"ليفني" و"ساركوزي" و"نتنياهو" و"دونالد ترامب"، ودعمها مادياً الخليجيون وعلى رأسهم النظام السعودي والقطري؛ فقد عَمِلَت هذه الدَّولة التي أسسها هؤلاء السَّاسة الفَجرة على تهجير المسيحيين في الشَّام والعراق وقتلهم، والتاريخ لا يَنسى المجزرة المروعة بحق الأرمن التي قام بها السَّلاطين الأتراك مُنذ مائة عام، لماذا هذا الحقد وهذه العداوة على المسلمين والمسيحيين وعلى مقدساتهم؟.

إنَّ اليَهود -يا سادة- لا يَزالون يَعتقدون بأنهم هم الأمة التي يَجب أن تَقود العالم وتَسود الأرض، ومِن ثم تألفت الحركة الصهيونية العالمية، مُستهدفة إعادة الأرض المقدسة إلى اليهود، ليتمكن الصهاينة مِن داخلها أن يَفرضوا أنفسهم على العالم كله، وقد استطاع اليهود -مع الأسف- أن يُقيموا لهم كِياناً إِبَّانَ عَجز العرب وذَهاب رِيحهم وَوَهنِ إِيمانهم.

إنَّ هَذا الكِيان الغاشم بُنِيَ على المآثم والمظالم، وقد أُسِّسَ هذا الكيان الغاصب في فلسطين لِيكون خنجراً في خاصرة الدول المقاومة، وجِسراً لكل اعتداء على العرب والمسلمين.

فلسطين الحبيبة، فلسطين الجريحة، فلسطين التي باعها الحكام الخونة مِن أجل البقاء على عروشهم، تقف اليوم كما وقفت في السنين الماضية، تقف اليوم وقفة شرف وقفة عز وإباء وكبرياء، لِتُقاوم المحتل الغاصب، لِتُعلن للعالم أجمع أنَّ المقاومة هي طريقنا، أن المقاومة هي الوحيدة التي تُعيد لنا كرامتنا، التي تَرُدُّ لنا اعتبارنا، والتي تُعيد لنا أرضنا ومقدساتنا التي دَنَّسَها اليهود الصهاينة.

"إبراهيم أبو ثُريا" ذاك الشهيد المقعد رحمه الله، اغتالته اليد الصهيونية منذ يومين وهو مُقعد، فَقَدَ قَدميه لكنه لم يفقد إرادته، لم يفقد عزيمته، لم يفقد إصراره على تمسكه بأرضه وحقه ومقدساته أبداً، هكذا نرى الفلسطينيين الشرفاء المقاومين، يقفون بحق بجرأة في وجه أشرس قوة تُواجه المسلمين والمسيحيين اليوم وهم اليهود الصهاينة.

نعم، واجب اليوم على المقاومين وعلى الشرفاء الدَّاعمين للمقاومة أن يُؤيدوا المقاومة، وأن يؤيدوا المقاومين، وأن يدعموهم مادياً ومعنوياً، وأن يقفوا إلى جانبهم ضد هذا الكيان، وضد هذا الاحتلال الغاشم، الذي يجد مَظلة عربية تحميه وتصونه مع الأسف، المقاومة هي السبيل الوحيد، البندقية الرصاصة المدفع الدبابة هو السبيل الوحيد لِدَحر هذا العدوان الذي اتخذ من فلسطين العربية جِسراً لِضَرب الدول المقاومة ولضرب المقاومة في كل زمان وفي كل مكان.

ونحن في ظِلِّ مُناسبة ولادة النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم، وفي ظل ولادة السيد المسيح عليه السلام؛ نَتعلم مِن هاتين المناسبتين الجليلتين أنَّه يَجب علينا أن نَصبر كما صبر النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم، أن نتحمل الآلام والشدائد كما تحمل عيسى عليه السلام، رسول المحبة والهداية والإنسانية، فأنبياؤنا ورسلنا عليهم الصلاة والسلام عَلَّمُونا أن نَكون مُقاومين لا أن نكون مُساومين، عَلَّمُونا أن نَقف بحق في وَجه قضايانا، في وجه عقائدنا، في وَجه مُقدساتنا، لا أن نَتخاذل، لا أن نَكون رَمَادِيِّين، لا أن نَتوارى عن ساحات الوغى على الإطلاق أبداً، عَلَّمونا أن نكون رِجالاً، وهكذا تعلم الرجال الذين تعلموا مِن هؤلاء العظماء، سيدنا علي كرم الله وجهه كان يقول: (كنا إذا حمي الوطيس اتقينا برسول الله، اتقينا برسول الله)، هذا دليل على أن النَّبي صلى الله عليه وسلم كان في المقدمة، كان يُقاتل العدو وجهاً لوجه، كان يَقف في وجه العدو، لا يعتريه خوف ولا يعتريه قلق ولا فزع، لأنَّه صاحب حق، وصاحب الحق يقف يُدافع يُقاوم يَصمد، لا يبالي بما يُقال، ولا يبالي بما يتهم، ولا يبالي بما يتعرض له مِن آلام وشدائد، بالعكس، تجد في قلبه السرور، تجد في قلبه الأنس، تجد في قلبه الرضا، لأنَّه يُدافع عن حقه عن مبدئه عن عقيدته وعن طهارة مُقدساته.

الشهيد "إبراهيم أبو ثريا" رحمه الله تعالى هو أنموذجة ونموذج لكل الشهداء المقاومين مِن قبل ومن بعد، وهكذا كانت هذه الأمة على مَرِّ التاريخ، تَلِدُ رجالاً وتَلِدُ أبطالاً لا يَأبهون بالعدو ولا بمكره ولا بغدره، ولا بمن يقف معه، وإنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قد أشار إلى هؤلاء الرِّجال عندما قال: ((لا تَزال طائفة مِن أمتي ظاهرين على الحق لا يَضرهم مَن خالفهم -وفي رواية- مَن خذلهم حتى يأتي أمر الله))، وسألوا النَّبي عليه الصلاة والسلام: أين هم يا رسول الله؟ قال: ((في أكناف بيت المقدس))، لم يَقل في الفنادق، لم يقل في فرنسا وفي واشنطن وفي أمريكا، وفي أي بلد أوروبي، قال: ((هم في أكناف بيت المقدس))، نعم ستبقى هذه الطائفة وهذه الثُّلَّة المجاهدة المقاومة إلى قِيام الساعة، إلى أن تتحرر فلسطين العربية، فلسطين الإسلامية، فلسطين المسيحية، إلى أن تتحرر مِن دنس اليهود الغادرين الحاقين الغاصبين.

ونحن اليوم نَحتفل في دمشق قلب العروبة والإسلام، نَحتفل بانتصارات حلب، عام كامل مَرَّ على انتصار حلب الشهباء، كل الحب والإجلال لكم يا رجال الله، يا أيها الرجال، يا رجال الجيش العربي السوري، يا مَن تربيتم في مدرسة محمد بن عبد الله، ويا مَن تَربيتم في مدرسة عيسى بن مريم، كل الحب والإجلال لكم، أنتم مدرسة الإيمان، أنتم مدرسة العطاء، أنتم مدرسة الصمود.

حلب الشهباء عاصمة الصِّناعة والصُّمود انتصرت منذ عام، وها نحن اليوم نَحتفي، والفرح يَعُمُّ قلوبنا جميعاً، نحتفي بانتصار حلب، حلب التي راهن عليها الدَّوليون الحاقدون على سوريا، السَّاسة الحاقدون على سوريا، حلب راهن عليها الحاقدون الماكرون، ولكنها انتصرت، انتصرت نعم انتصرت، موتوا بغيظكم أيها الخونة، موتوا بغيظكم أيها المتآمرون، أيها الصهاينة، أيها المتصهينون، ها هي حلب الشَّهباء تتباهى بِعَلَمها، بعلم الجمهورية العربية السورية، وانتصرت بعدها دير الزور، وانتصرت بعدها البوكمال، وها هي حماة وريفها بإذن الله جل جلاله قريباً في طريق الانتصار، وبعد أيام وشهر ربما شهرين، اليوم آت لا محالة، اليوم آت لا محالة، سيرتفع علم الجمهورية العربية السورية فوق سماء الغوطة الشرقية، رجال الله على الأرض، أصحاب الحق، أصحاب الفضيلة، أصحاب الرجولة، أصحاب العظمة، أصحاب الكبرياء والسؤدد والنضال والمقاومة على الأرض، يُدافعون عن أرضهم، عن شعبهم، عن حقهم.

سيروا يا رجال الله، فأنتم على حق، لا تلتفتوا إلى أبواق اليهود الصهاينة، لا تلتفتوا إلى المنافقين، ولا إلى الكاذبين الذين يروجون بحقكم الإشاعات الكاذبة، إنهم كذبوا كذبوا كذبوا حتى سقطوا، وصدقوا أنفسهم مع الأسف، دعهم في غِيِّهم يَعمهون، دَعهم في كذبهم يَغرقون، والانتصارات تتحقق يوماً بعد يوم، هي دمشق قلب العروبة والإسلام، هي دمشق بلد المقاومة والمقاومين، هِي دمشق عرين الأسد، عرين القائد المقاوم بشار حافظ الأسد، الذي عَلَّمنا أنَّه مَهما اشتدت علينا المحن والآلام والمصائب لا يُمكن أن نَركع أو ننحني أو نَخنع، فنحن أصحاب الأرض، أصحاب الحق أصحاب القضية، ووراءنا نصر الله جل جلاله، وهذا الجيش العظيم الذي هَيَّئَه الله لكي يَصون الأرض والعرض.

كل الحب والإجلال لشهداء الجيش العربي السوري، كل الرحمة والإجلال والكبرياء لشهداء رجال الله رجال الجيش العربي السوري، لولا دماؤكم يا رجال الله لما عرفنا الانتصار ولما عرفنا معنى الكرامة، وكيف تُبنى النفوس على الكرامة في هذا الزمان في هذه السنوات العجاف، حقاً حقاً علينا وحق لكم أن نَنحني لكم إجلالاً وحباً يا رجال الله يا رجال الجيش العربي السوري، والحمد لله رب العالمين.

 

الخطـــــــــــــــبة الثانيــــــــــــــــــــــــــة:

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله, اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عباد الله اتقوا الله، واعلموا أنكم ملاقوه، وأن الله غير غافل عنكم ولا ساه.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، اللهم ارحمنا فإنك بنا رحيم، ولا تعذبنا فإنك علينا قدير, اللهم ارحمنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك, ربنا آتنا مِن لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً, اللهم إنا نسألك أن تُغيثنا وأن تَسقينا الغيث بدماء شهدائنا الأبرار، اللهم إنا نسألك أن تسقينا الغيث برحمتك وجودك يا رب العالمين، اللهم اسقنا غَيثاً مُغيثاً هنيئاً مريئاً مريعاً سحاً غدقاً طبقاً مجللاً إلى يوم الدين، اللهم لا تُهلك بلادك بذنوب عبادك، اللهم لا تُهلك بلادك بذنوب عبادك، اللهم لا تُؤاخذنا بسوء فعلنا ولا بما فعل السفهاء مِنَّا، إنْ هِيَ إلا فتنتك تُضل بها مَن تشاء وتهدي بها مَن تشاء، أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين, اللهم إنا نسألك أن تنصرَ رِجالك رجال الجيش العربي السوري, وأن تَكون لهم مُعيناً وناصراً في السهول والجبال والوديان, اللهم إنا نسألك أن تنصر المقاومة اللبنانية المتمثلة بحزب الله, وأن تُثبت الأرض تحت أقدامهم، وأن تُسدد أهدافهم ورميهم يا رب العالمين, اللهم وفق القائد المؤمن والجندي الأول بشار الأسد إلى ما فيه خير البلاد والعباد، وخُذ بيده إلى ما تحبه وترضاه, وخُذ بيده إلى ما تحبه وترضاه, وخُذ بيده إلى ما تحبه وترضاه, واجعله بِشارة خير ونصر للأمة العربية والإسلامية, ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ* وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ*وَالْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِين﴾.

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 989
تحميل ملفات

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

أدخل الرمز : *