الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

وصف تاريخي

تاريخ النشر 2012-01-23 الساعة 07:46:49
الوصف التاريخي للجامع الأموي الكبير
إدارة التحرير
وفي الجدار المتصل بالصحن المحيط بالبلاطات القبلية عشرون باباً متصلة بطول الجدار قد علتها أقواس جصية مخرمة كلها على هيئة الشمسيات ، فتبصر العين من اتصالها أجمل منظر وأحسنه . والبلاط المتصل بالصحن المحيط والبلاطات من ثلاث جهات على أعمدة وعلى تلك الأعمدة أبواب مقوسة تقلها أعمدة صغار تطيف بالصحن كله ومنظر هذا الصحن من أجمل المناظر وأحسنها ، وفيه مجتمع أهل البلد وهو متفرّجهم ومنتزههم كل عشية تراهم فيه ذاهبين وراجعين من شرق إلى غرب من باب النوفرة إلى باب البريد فمنهم من يتحدث مع صاحبه ومنهم من يقرأ لايزالون على هذه الحال من ذهاب ورجوع إلى انقضاء صلاة العشاء الآخرة ثم ينصرفون ولبعضهم بالغداة مثل ذلك ، وأكثر الاحتفال إنما هو بالعشي فيخيل لمبصر ذلك أنها ليلة سبع وعشرين من رمضان المعظم لما يرى من احتفال الناس واجتماعهم لا يزالون على ذلك كل يوم.
 
وللجامع ثلاث صوامع ، واحدة من الجانب الشرقي وهي كالبرج المشيّد تحتوي على مساكن متسعة وزوايا فسيحة راجعة كلها إلى إغلاق يسكنها أقوام من الغرباء أهل الخير والبيت الأعلى منها ، كان معتكف أبي حامد الغزالي رحمه الله وثانية بالجانب الغربي على هذه الصفة وثالثة بالجانب الشمالي على الباب المعروف بباب الناطفيين (باب العمارة) .
 
وفي الصحن ثلاث قباب ، إحداها في الجانب الغربي منه وهي أكبرها وهي قائمة على ثمانية أعمدة من الرخام مستطيلة كالبرج مزخرفة بالفصوص والأصبغة الملونة ، يقال إنها كانت مخزناَ لمال الجامع وله مال عظيم من خراجات ومستغلّات تنيف (على ماذكر لنا ) على الثمانية آلاف دينار في السنة وهي خمسة عشر ألف درهم .
 
وقبة أخرى صغيرة في وسط الصحن مجوفة مثمنة من الرخام ، قد ألصق أبدع إلصاق قائمة على أربعة أعمدة صغار من الرخام وتحتها شباك حديد مستدير ، وفي وسطه أنبوب من النحاس يمجّ الماء إلى علو فيرتفع وينثني كأنه قضيب لجين يشره الناس لوضع أفواههم فيه للشرب استظرافاً واستحساناً ، ويسمونه قفص الماء ، والقبة الثالثة في الجانب الشرقي قائمة على ثمانية أعمدة على هيئة القبة الكبيرة لكن أصغر منها ، وفي الجانب الشمالي من الصحن باب كبير يفضي إلى مسجد كبير في وسطه صحن قد استدار فيه صهريج من الرخام كبير يجري الماء فيه دائماً من صفحة رخام أبيض مثمنة قد قامت وسط الصهريج على رأس عمود مثقوب يصعد الماء منه إليها ، وفي الجانب الشرقي من الصحن باب يفضي إلى مسجد من أحسن المساجد وأبدعها وضعاً وأجملها بناءً ، ويزعمون أنه مشهد لعلي بن أبي طالب يقابله في الجهة الغربية في زاوية البلاط الشمالي من الصحن موضع هو ملتقى آخر البلاط الشمالي مع أول البلاط الغربي مجلل بستر في أعلاه وأمامه ستر أيضاً منسدل .
 
وكان هذا الجامع المبارك ظاهراً وباطناً منزلاً كله بالفصوص المذهبة مزخرفاً بأبدع زخاريف البناء المعجز الصنعة ، فأدركه الحريق مرتين فتهدّم وجدد وذهب أكثر رخامه فاستحال رونقه فأسلم ما فيه اليوم قبلته مع الثلاث قباب المتصلة بها ، ومحرابه من أعجب المحاريب الإسلامية حسناً وغرابة ً صنعةٍ يتّقد ذهباً كله ، وقد قامت في وسطه محاريب صغار متصلة بجداره تحفّها سويريات مفتولات فتل الأسود كأنها مخروطة لم يُرَ شيء أجمل منها ، وبعضها حمر كأنها مرجان فشأن قبلة هذا الجامع المبارك مع مايتصل بها من قبابه الثلاث وإشراق شمسياته المذهّبة الملوّنة عليه واتصال شعاع الشمس بها وانعكاسه إلى كل لون منها حتى ترتمي الأبصار منه أشعة ملونة يتصل ذلك بجداره القبلي كلّه عظيم لايلحق وصفه ولا تبلغ العبارة بعض ما يتصوره الخاطر منه ، والله يعمره بشهادة الإسلام وكلمته بمنًه ، وفي الركن الشرقي من المقصورة الحديثة في المحراب خزانة كبيرة فيها مصحف من مصاحف عثمان رضي الله عنه وهو المصحف الذي وجّه به إلى الشام ، وتفتح الخزانة كل يوم إثر الصلاة فيتبرك الناس بملمسه وتقبيله ويكثر الازدحام عليه .
1  2  3  4